ومضت الأيام الماضية بحجاج بيت الله الحرام هنية هانئة ، وانتهت تلك الأيام العظيمة ، وما تضمنته من مواسم جليلة بخيراتها وبركاتها ، تمكن خلالها ضيوف الرحمن من إقامة عبادة من أعظم العبادات ألا وهي فريضة الحج لهذا العام 1431ه ، وبذلك تحققت أمنيتهم تلك التي كانوا يحلمون بها فيما مضى من سنوات عمرهم ، وطُوِي بمضيها صفحة من صفحات الأعمار سُجِلْ فيها ما عُمِلْ ، فإن كان خيراً الحمد لله ، ونسأله القبول والزيادة ، وإن كان شراً استغفرنا الله منه وأتبعناه بالحسنات التي تمحوه ، وبفضل الله وكريم عطائه استطاع ضيوف بيته العتيق من إتمام مناسك شريعة الحج بيسر وسهولة في ظل رعاية حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وإخوانه الكرام حفظهم الرحمن من كل مكروه ، فيا عبد الله يا من أتيت لبلد الله محملاً بالذنوب ، ودعوت الله في صعيد عرفات بأن يغفر لك ذلك إمتثالاً لقوله تعالى "أدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" واليوم وقد عدت إلى ديارك وقد أنعم الله عليك بوعده قال عليه الصلاة والسلام : (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) وفتحت في حياتك صفحة بيضاء نقية ، ولبست بعد حجك ثياباً طاهرة نقية ، فمن الواجب عليك أن تبعد عن سُبل المعاصي ، ولا تعد على ما كنت عليه "وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا" وأشكر الله على ما أولاك ، وأحمده على ما حباك وأعطاك ، وأكثر من الاستغفار ما تعاقب الليل والنهار ، سُئِلَ الحسن البصري رحمه الله تعالى : ما الحجُ المبرور ؟ قال : أن تعودَ زاهداً في الدنيا ، راغباً في الآخرة ، فليكن حجُك حاجزاً لك عن مواقعِ الهلكة ، ومانعاً لك من المزالقِ المُتلفة ، وباعثاً لك إلى المزيد من الخيرات وفعلِ الصالحات ، واعلم أن المؤمن ليس له منتهى من صالحِ العمل إلا حلولُ الأجل .وقد شهد موسم حج هذا العام تطوراً ملموساً في جميع المرفقات التي قدمت خدماتها لقاصدي بيت الله ، يشهد على ذلك كل من لبى ، وأقام الفريضة .ألا ما أحلى تلك الأيام وأروع لياليها وما أجمل تلك البقاع وأحسن المقام فيها . دعاء : اللهم تقبل مساعيهم وزكها ، وأرفع درجاتهم وأعلها ، وبلّغهم من الآمال منتهاها ، ومن الخيرات أقصاها ، وأجعل سفرهم سعيداً ، وعودهم إلى بلادهم حميداً ، وهون عليهم الأسفار ، وأمِنَهُمْ من جميع الأخطار ، وأعدهم إلى أوطانهم وأهليهم وذويهم ومحبيهم سالمين غانمين برحتمك يا أرحم الراحمين . همسة : إن الساعة التي لا تقربك من الله لا تعتبرها من عمرك ؟ شعر : من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مرادي تالله ما أحلى المبيت على منى في ليل عيد أبرك الأعيادي ومن أصدق من الله قيلاً "فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً". [email protected]