زاوية يكتبها يومياً : د. أحمد عبد القادر المعبي التلبية ترهف شعور الحاج ما سر التلبية وما تأثيرها على الحاج؟ فتحي أحمد جدة لا شك أن التلبية ترهف شعور الحاج ، وتوحي اليه بأنه منذ فارق أهله مقبل على ربه، متجرد عن عاداته ونعيمه ، منسلخ من مفاخره ومزاياه. ولهذا التواضع والتذلل أعظم المنزلة عند الله عز وجل إذ هو كمال العبد وجماله، وهو مقصد العبودية، وبسببه تمحى عن العبد آثار الذنوب وظلمتها ، فيدخل في حياة جديدة ملؤها الخير، وحشوها السعادة. وإذا غلبت هذه الحال على الحجاج، فملأت عبودية الله قلوبهم ، وكانت هي المحرك لهم فيما يأتون وما يذرون، صنعوا للانسانية الاعاجيب ، وحرروها من الظلم ، والشقاء والبهيمية . كيف لا والذكر هو المقصود للعبادات؛ فما شرعت العبادة الا لأجله ، وما تقرب المتقربون بمثله . ويتجلى هذا المعنى في الحج غاية التجلي، فما شرع الطواف بالبيت العتيق، ولا السعي بين الصفا والمروة، ولا رمي الجمار إلا لإقامة ذكر الله . قال تعالى: "ليشهدوا منافع لهم و يذكروا اسم الله في أيام معلومات " "الحج: 28 وقال: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين * ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم * فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا" البقرة : 198-200 وفي هذا الارتباط سر بديع؛ إذ يصرف وجوه الناس عن التوجه إلى غرب كافر، أو شرق ملحد؛ فتبقى لهم عزتهم وكرامتهم.