قراءة الكتب متعة لا تضاهيها متعة، واليوم وبشكل مختصر أعود للكتابة عن هذا الموضوع مقتنعا بأن تاريخ منطقتنا الخليجية لا يزال أغلبه يحتاج الى الكثير من البحث والتنقيب والمتابعة. وما رغبت شيئا أحب لي من هذه المهمة لو ساعدتني الظروف، ولعل في عثوري على مثل هذا الكتاب بين آونة وأخرى ما يمنحني بهجة الاطلاع التي لا يحسها، إلا كل شغوف بها وبالتاريخ.. واليوم هذا الكتاب يتحدث عن شريحة معينة وصفحة قائمة من تاريخ هذه المنطقة. ولا يقدم عظماء بل "أبالسة" وقد اجاد الاستاذ خالد البسام معد هذا الكتاب ومترجمه وهو بعنوان (قوافل) رحلات الارسالية الأمريكية في مدن الخليج والجزيرة العربية 1901 1906م إذ يقول: قبل مائة عام وبالتحديد في 7 ديسمبر 1892م وصل منصر غربي متحمس الى ميناء المنامة بالبحرين قادما من البصرة بواسطة سفينة بخارية ويومها كان مجيء القس (صموئيل زويمر) الى البحرين يعد مسألة خطيرة، خاصة وانه يعرف مسبقا ان الأوضاع لم تكن مشجعة كما كان هناك شك كبير في السماح له بالبقاء بعد مغادرة السفينة. وبسبب هذه الشكوك قام زويمر بإيداع صندوق الكتب الذي يحوي نسخا من الانجيل والكراريس الأخرى إضافة الى حقيبته الطبية عند البريد الانجليزي في البحرين ويقول المترجم ايضا حافظت قدر الامكان على نص الرحلات نفسها فجاءت معظم الكتابات كما هي بالضبط مع بعض التعديلات الصغيرة هنا وهناك.. وبالطبع الحذف الضروري منها للإساءة للدين الاسلامي وفيما عدا ذلك جاءت هذه الرحلات كما كتبها روادها أنفسهم بقيادة صموئيل زويمر الذي تجول بخيوله المتعددة في الكثير من مناطق الخليج العربي، وبقيت مع ذلك بعض المغالطات والتشويهات عن المنطقة تركتها لفطنة القارئ حتى لا تؤثر على سباق هذه الرحلات وهكذا يبدو ان صموئيل زويمر ومعه رفاقه الذين تجولوا في جميع انحاء الخليج بالسفن والجمال والحمير سيجدون مكانا في روزنامة تاريخ الخليج والجزيرة العربية المهمل لتحكي حقائبهم واوراقهم ومشارطهم حكايات (خيل إبليس) سندباد البحر والبر الجديد. لقد صدر هذا الكتاب (القوافل) في البحرين عام 1993م ومادته الاصلية عبارة عن حكايات وملاحظات متناثرة في مفكرات عدد من المنصرين والاطباء الامريكيين الذين قاموا برحلاتهم التي سماها المترجم تبشيرية في منطقة الخليج العربي مع بداية القرن العشرين.