لنتخيل رمضان إنسان يزورنا – كما فعل أحد الكتاب ولن أقتبس من مقاله الجميل الذي أنتشر بالإيميل بعنوان: ماذا تفعل إذا زارك شخص متدين؟ – ولكن الفكرة خطرت في بالي من قبل ولن أتخلى عنها لأن غيري كتب عنها وإن كان تناولي لها بشكل آخر.. نعود لخيالنا الذي بدأنا به أن هذا الشهر الذي أصطفاه الله من بين الشهور جاءنا في هيئة شيخ وقور ُترى كيف إستقبالنا له وهل أحسنا ضيافته؟! والحق يقال أن الكثير من المسلمين أستقبله بما يليق به من تكريم وتعظيم وإحترام ولكن هناك من لم يفعل أو أنه متذبذب بين هذا وذاك فهو تارة يفعل أمور تنم عن تقدير للضيف ثم فجأة يقلب الطاولة في وجهه وكأنه لايراه!! بل يتجاهله تماماً ويجلس أمام الشاشة ليتابع الفضائيات الحافلة بما لذ وطاب من مسلسلات ومنوعات ومسابقات وترهات بالساعات دون أن يتذكر وجود الضيف الذي لن تطول إقامته وحين يلتفت له بعد فراغه من المشاهدة والتسلية لايجده لأنه رحل دون أن يشعر به ولن يعود للزيارة إلا بعد عام وقد لايلقى صاحب البيت لأنه ربما رحل عن الدنيا فلا أحد يضمن عمره. غادرالضيف منزل من لم يهتم به وتوجه إلى مقهى أو كافيه قريب فصدم بما رآه من مشاهد بعد الإفطار ورائحة الدخان تعبق بالمكان تنبعث من المعسلات حتى لتظن أن هناك حريق.. نعم في القلوب الغافلة! تذمر من هذا المشهد وذهب للسوق وياللعجب لتزين الأسواق بشكل ملفت وكأنها في العيد وليس في موسم العبادة، وفوجيء حين دخل أحد المولات بمشهد غريب لسيدات وفتيات متزينات وكأنهن مدعوات إلى إحدى المناسبات فهل حضرن للإستعراض أم للتسوق!! غض بصره حياءاً ودعا لهن بالهداية وانصرف. أوقف سيارة أجرة لتوصله إلى حيث لايدري وسمع صوت الأغاني يصدح منها فتعوذ من الشيطان وركب وهو يستغفر وحين طلب من السائق خفض الصوت نظر إليه شزراً ولم يجبه لأنه أصلاً لم يعرفه.. فطلب أن ينزله في الطريق وأختار أن يكمل السير على قدميه. فكر ماذا يفعل وقد أقترب وقت الفجر.. ذهب للمسجد ينتظر الصلاة متوقعاً رؤية أعداد كبيرة من المصلين مثلما كانوا في صلاة التراويح، وحزن كثيراً حين كبر الإمام وليس خلفه إلاعدد قليل من الرجال لم يكملوا الصف الأول!! جلس بعد الصلاة إلى شروق الشمس ليس معه إلا الإمام والمؤذن وتركا المسجد قبله. خرج والتقى بشاب فسأله هل كان بالمسجد ؟ فأجابه: لا ولكنني كنت سهران مع الشلة وناسة والآن أرجع للبيت لآنام!! هذه بعض المظاهر التي ُفجع بها رمضان الكريم والذي لو نطق لقال: أرجوكم أحترموني. قال الله عن الغاية من صيامه ( لعلكم تتقون ).. فأين التقوى ؟ ومن هو الصائم حقاً ؟! شهر القرآن والصيام والقيام أكرم على الله مما نتخيل.. فهل عاملناه بمايستحقه من إحترام ولنتدارك مابقي فيه من أيام قبل أن يغادرنا ولاندري هل سنلقاه مرة أخرى.