الدردشة مع الجيران في لقائنا الأسبوعي الأخير كانت تدور حول بركان ايسلندا الذي تسببت حممه ورماده المنبعث إلى أعالي السماء في إغلاق المجالات الجوية في أوروبا، وأربكت حركة الطيران العالمية، وأرغمت عشرات الألوف من المسافرين على انتظار أيام في صالات المطارات والفنادق.في رأي صديق قادم من الوطن أن غضب الله قد حل بالغرب لما ارتكبه سياسيوهم وعسكرهم من أعمال إبادة وحصار ونهب ثروات شعوب مغلوبة على أمرها، فالله يمهل و لا يهمل، وقد جاء وقت تسديد فاتورة الحساب. يرد جارنا أنطونيو بقوله إننا لو أخذنا وجهة نظر ضيفنا بأنه غضب من الله على الغرب فكيف نفسر الزلازل والتسوناميات العديدة التي أصابت العديد من البلدان الإسلامية فقتلت وشردت ودمرت، وزادت الفقراء فقرا والمشردين سوءا. يدخل في الحوار الجار روبيرتو ليقول بأن الأمر بداية ونهاية من عند الله، فقد ضعف الإيمان، وازداد الاستهتار بالكنيسة وهي التي كانت الموجهة والمرشدة فبفضل الكنيسة تحررت اسبانيا من استعمار قارب القرون الثمانية، أما اليوم فما من قائد يتقدم لحاضرة الفاتيكان لأكثر من أخذ البركات والتقاط صورة تذكارية يستخدمها في جولة الانتخابات القادمة لحصد الأصوات والعودة إلى السلطة. يعترض الصديق القادم حديثا من الوطن على وصف روبيرتو لفترة أسبانيا المسلمة بأنها استعمار تم التخلص منه، ويتساءل عما إذا كان المسلمون وهم يدخلون شبه جزيرة أيبيريا وبيدهم شعلة النور والإيمان قد أبادوا معظم السكان كما أباد الغربيون الهنود الحمر في العالم الجديد منذ أن اكتشفه كولومبس؟ وهل فرض المسلمون اللغة العربية على السكان وأجبروهم على ترك ديانتهم واعتناق الإسلام كما فرض الأوربيون لغاتهم وديانتهم على من تبقى من أهل القارة الأصليين ؟ الإسلام دخل شبه الجزيرة الأيبيرية هاديا ومبشرا، وبفضل ذلك تمكنت هذه الديار من قيادة العالم علما وعملا. يتساءل الجار يعقوب عن التركيبة الجيولوجية للحمم التي أطلقها البركان وعما إذا كان من بينها معدن الذهب أو معادن أخرى لا نعرفها وفيها من الخواص ما هو مفيد يفتح شهية المستثمرين. يرى والد رشا أنه احتجاج الطبيعة من تشويه البشر لكوكب الأرض باستخدام المبيدات القاتلة لنباتاتها، وبما يجرونه في أعماق الكوكب وتحت أرضه وبحاره من تجارب نووية، وبما يطلقون حوله من مركبات وصواريخ بغية اكتشاف عالم السماوات. تفسير والدة رشا لظاهرة غضب الطبيعة كما تحدث زوجها هو في تقديرها، تحذير وتنبيه من الخالق إلى البشر بأن حياتهم الدنيوية ما هي إلا برزخ إلى الحياة الأبدية، وهناك إما الجنة أو النار. الجنة لمن اتقى وعمل بالحسنى، ونار جهنم لمن عصى وطغى و تجبر، وما أكثر العاصين والطغاة والمتجبرين، وما أكثر المظلومين والمعذبين والمشردين، وليس بين من بيدهم أمر العباد قدرة إحقاق الحق وإشاعة العدل والمساواة، وإلا كيف نفسر سكوتهم على جرائم التصفية العرقية التي يمارسها الصهاينة في فلسطين؟ ناهيك عن تبجح الكبار منهم بأنهم سيبقون عونا وسندا لدولة إسرائيل. تدخل رشا في الحوار لتقول بأنها عادت إلى القرآن الكريم لترى ما جاء فيه حول الزلازل والبراكين فوجدت من آياته ما يدعم وجهة نظر والدتها بقوله تعالى " إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان مالها، يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها، يومئذ يخرج الناس أشتاتا ليروا أعمالهم، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره"، وأن هذه الآيات برهان لمداخلة والدتها وصدق الله العظيم.