لا أحد ينكر ما حققه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني من بعض النجاحات، ولو لم يحقق هذا المركز غير طرح الموضوعات الحوارية خلال اللقاءات التي نظمها منذ إنشائه حتى الآن؛ فلقد عززت هذه اللقاءات الحوار الذي يسعى للتفاهم والتجانس والتفاوض والتعبير عما في النفس بحثاً عن جمع الكلمة، ولم الشمل، ووحدة الصف، وتصحيح الأفكار، وإنارة الطريق، وتنوير المسار؛ ونفر من الجدل المذموم؛ وهو الجدل الذي يظاهر الباطل أو يفضي إليه. ولنجاح أطراف الحوار فلابد أن يتمكن الطرف الأول (المصدر) من تحقيق الإقناع من خلال شخصيته عندما يتحدث بصدق وأن تكون (الرسالة) واضحة وبعيدة عن الغموض، واحتوائها على الأدلة والبراهين والحجج القوية،اما المتلقى أو (المستقبل) لابد أن يكون في وضع نفسي جيد لتلقي الرسالة، والثمرة المرجوة من الحوار وهو (الهدف) تغيير سلوك فرد أو جماعة، وتوجيه الآراء، وتحويل الأفكار. ومن صور الحوار (الحوار المباشر) وهو النوع الذي يحقق الهدف، أو يوصل الرسالة بصورة مباشرة، باستخدام أسلوب الحوار في الحديث والمناقشة، ويكاد يقتصر هذا النوع من الحوار على الحوار (وجهاً لوجه) وهو الحوار الذي ينظر فيه أحد الطرفين المتحاورين الى الطرف الآخر. والحوار السلبي هو الذي ينظر فيه الطرف الأول للطرف الثاني نظرة نقص وانتقاص، أو نظرة استعلاء وفوقية، ومما سبق يتضح لنا ان أغلب الحوارات تكون وجهاً لوجه؛ وينظر أحد الطرفين المتحاورين الى الطرف الآخر؛ ولكن الشعار الحالي للحوار لا يدل على ذلك؛ فهو مكون من وجهين أحدهما مقلوباً مثل الرقمين (69) باللغة الانجليزية، فعين الوجه الأيمن تحت وعين الوجه الايسر فوق؛ وهذا يناقض أسلوب الحوار الناجح؛ لأنه ليس وجهاً لوجه، ولا ينظر الطرفان إلى بعضهما!! ولكي يكون الشعار دالاً على المعنى والهدف الحقيقي من الحوار هو : أن يتم نقل عين الوجه الأمين الى أعلاه؛ ليدل فعلاً أنه حوار وجهاً لوجه حتى لا تكون نظرة أو إقصاء أو استعلاء وفوقية؛ وكأنه حوار سلبي؛ لأن الهدف هو الحوار الإيجابي، فالعيون أداة تواصل فاعلة. قبسة: الأسباب الصغيرة جداً يمكن أن يكون لها نتائج مرعبة "حكمة فرنسية" مكةالمكرمة : ص. ب : 233 ناسوخ : 5733335