** هاتان قصتان حقيقيتان حدثتا في مدرستين أهليتين في جنوبجدة قبل بضع سنوات .. تعالوا نقرأ القصتين ثم نعلق عليهما. ** القصة الأولى حدثت في مدرسة ابتدائية، حيث فوجئ مدير المدرسة الذي كان يتفقد الاصطفاف الصباحي بطالب في الصف السادس على أنفه لفافة طبية، سأله المدير مبتدئاً ب "سلامات" وإذا بالحكاية أن أهله قد قاموا بحملة شاملة لتنظيف البيت في نهاية الأسبوع، فكان أن تزحلق الابن ليقع على "نافوخه" في انزلاقة كلفته كسر أنفه. **مدير المدرسة تصرف بشكل غير مسبوق، ظاهره كوميدي لكنه كان يقصد ما وراء ذلك، عندما أصر على استدعاء الأب إلى المدرسة، لأن المصاب طالب من طلاب المدرسة يجب السؤال عن الأهمال الذي أضر به، ولا أدري بعد ذلك هل أخذ مدير المدرسة "تعهداً" على الأب بعدم تكرار الإهمال، أو أنه أسمعه كلاماً قاسيّاً أو ناعماً "!!". ** أما الحكاية الثانية فقد حدثت في مدرسة متوسطة، عندما كان طلاب أحد الفصول يلعبون كرة القدم، وخلال اللعب، تعرض أحد الطلاب إلى كسر في الساق، بعد أن التحم مع زميل آخر له ليتم نقل الطالب إلى أحد المستشفيات "الخاصة" القريبة وتم عمل "جبيرة" للكسر على نفقة المدرسة، وجاء مدير المدرسة يزور الطالب ويطمئن عليه، ويواسي أسرته، لكن والدة الطالب انبرت فجأة لتُسمع المدير كلاماً قاسياً حول "الإهمال" وأمطرته ب"دش" ساخن من عبارات اللوم والتهكم، على ما اعتبرته تقصيراً فاضحاً من المدرسة، التي كان يجب عليها - من وجهة نظر الأم - أن تجعل معلماً لكل طالب يلعب الكرة بالمدرسة، يتنقل معه في الملعب كظله حتى لا تنكسر ساقه مثلاً!! ** وتعليقي على الحكايتين أن الأولى ومادامت حدثت في البيت، فإن "الطالب/ الابن" حتى ولو حدث له ما حدث من مكروه فإن هذا قضاء وقدر.. أما إذا حدث له ولو "غمزة" مسمار وهو في المدرسة، فإن هذا إما أن يكون اهمالاً وتقصيراً، أو أنه تهاون وتسيب... إلى آخر المترادفات، ولا أحد يتذكر حينها القضاء والقدر، حتى ولو كان معلم الرياضة وسط الطلاب يراقبهم بدقة. ** تذكرت كل ما تقدم على وقع الحادث الثاني الذي وقع في مدارس جدة خلال اسبوعين، عندما سقط الطالب ماجد باسعيد غريقا في مسبح المدينة الساحلية، وتم إنقاذه في حالة حرجة، فقد قام الكثيرون في "هبّة" واحدة يشيرون بأصابع الاتهام إلى المدرسة، التي أرسلت معلمين اثنين يرافقان 41 طالباً في تلك الرحلة المشؤومة، وكأني بهؤلاء يريدون أن يخرج كل معلمي المدرسة، ليكون كل معلم برفقة كل طالب حتى لا يغرق، ولم يسأل هؤلاء - كثيراً - عن تقصير الدفاع المدني في التفتيش على المسابح، والتأكد من سلامتها، وسلامة العاملين بها، ومقدار تأهيلهم، بألاَّ يكون أحدهم مجرد كهربائي في وظيفة منقذ سباحة، ولم نرَ تدقيقاً كذلك في تقصير "المدينة الساحلية" أعان الله التعليم والمعلمين على النقد " الأعرج" وإن كنت لا أبرئ المعلمين أبداً إن كانوا مقصرين!!