أحد الاصدقاء القادمين من بيروت والتي يكاد لا يعرفها كان مبهوراً بكل شيء فيها ابتداءً بتلك الحالة التي تكاد تكون فريدة في نظافتها فأنت لا تشاهد أي عقب سيجارة على "الازفلت" او منديل ورق ملتصقاً بالرصيف بل وصلت به حالة الذهول الى استغرابه بأنه لم يشاهد "بعوضة" واحدة تجعله طوال جلسته وهو "يهرش" في جسمه وقد يتعرض لاصابة حمى "الضنك" او ذبابة تطير فتحط على ارنبة أنفه، وهذا البحر الممتد الى الافق لا رائحة "كريهة" تخترق أنفه او بقايا طعام على شاطئه، ويتساءل هذا الصديق لماذا هذا هناك والحال عندنا عكس ذلك فأنت في أي مقهى على "كورنيش" جدة سوف تهاجمك "كتائب من البعوض حتى جعلت أحد الاصدقاء من رواد أحد "مقاهي" الكورنيش يحمل معه "بخاخاً" ضد "الناموس" برش قدميه به ويصل صديقنا هذا الى حد الدهشة وهو يراقب "مطار الحريري" بتلك النظافة الخارقة للعادة ولتلك المعاملة "السهلة" الممتنعة، كل ذلك سمعته من صديقي هذا وأنا ألمح على وجهه حالة الاسف وهو يقارن الوضع لدينا ولديهم مع الفارق الكبير في الامكانيات، فتساءل اذن ما هو السبب؟، قلت له انها ثقافة "مجتمعية" أولا لان السلوك شيء تراتبي في حياة المجتمع وليس نتيجة حالة طارئة، ثانياً الاحساس بالذوق العام مهم جداً أنت مثلا احترمت تلك الحالة التي عليها الناس هناك فلم تقذف "بمنديل" الى الشارع كما قد تفعل في جدة مثلاً ولم تشعل عود "ثقاب" في الطريق هذا كله لأن ما حولك يجبرك على ان تكون مثله وتماثله في سلوكياته. انها حالة ثقافة مجتمع يا صديقي.
