ابتعد جيل اليوم عن كثير من أساليب الحديث والمخاطبة التي اعتاد عليها الآباء والامهات حتى لم يعد بين الناس وحتى من جيل الأمس من يتحدث بها.. أتذكر والدي يرحمه الله عندما كان يقوم بعد النقود وعند الرقم "سبعة" كنت اسمعه يقول "سمحة" وعرفت ان معناها من "السماحة" وهي طيب النفس وحسن الخلق وبعد اداء الصلاة تسمع عبارة "تقبل الله" فيجيب السامع "منا ومنك صالح الاعمال" وتحضرني طرفة نقلها لي احد الأقارب وبعد الانتهاء من صلاة المغرب في المسجد الحرام قال "المكي" لجاره في الصلاة "تقبل الله" فأجابه يا اخي ما هذا إنها بدعة.. فأجابه المكي" انت حر إن كانت بدعة فأرجو أن لا تقبل الدعوة". أعود لحديثي عن العبارات المؤدبة القديمة ومن ذلك أن الناس كانوا يستهلون دخولهم للمنازل الجديدة او التي يدخلونها لأول مرة او عند مشاهدتهم لمنزل صديق او قريب، وحتى ركوبهم في سيارتهم بقولهم " ماشاء الله لاقوة الا بالله متعك الله به او بها واعطيت خيره وخيرها وكُفيت الشر.. وعندما يرون صديقاً مصطحباً طفله او طفلته يربت على رأسه ويقول ماشاء الله اسأل الله لك الصلاح والسعادة " اما توقير الكبير من الأقارب او المعارف فكان الاصغر سناً يدعو شقيقه بعبارة" سيدي وشقيقته الاكبر "استيته" والصغار يدعون الاكبر بعبارة "ياسيدي" حتى ان المخاطبة بأسلوب الاحترام والتقدير كانت السائدة بين الناس وتكون سبباً في عدم "التطاول" او التجاوز .. اليوم نجد الكثير من الخلاف والكثير من التغير والابتعاد عن هذه "العادة" الجميلة الا بين القلة القليلة وبعض هؤلاء يستعملها ادعاءً او تفاخراً او ليس لها في داخله اي معنى بل اصبحت عادة لافائدة مرجوة منها للاسف لكن السواد الاكبر نسي بل لا يجد ان حياة اليوم تتوافق وتحقق الغرض من ذلك .. اذكر ان الناس كانت تتحدث بصوت "خفيض" حتى تكاد ان لاتسمع احاديثهم وعند رؤيتهم للسيدة تخرج من دارها يوجهون انظارهم للجهة الاخرى او ينظرون للارض احتراماً لها وإكباراً ويتحدثون مع بعضهم بما يمكن ان يوصف بأنه " من درر و انفس العبارات وارقاها جرسا ومعنا.. لا أظن ان هناك عودة للماضي في هذا الخصوص بعد أن تركنا كل ما عرفناه سنوات طويلة واستبدلنا ذلك بما هو " ادنى" للاسف حتى بين الاب وابنائه بحجة مايسميه البعض "جيل اليوم" و"التمدن" و" التطور" واسأل اي تطور هذا اعادنا للصفوف الاخيرة ؟. وهل كان القدماء متأخرين عنا بحياتهم الثمينة الغالية؟.. من يجيب عن سؤالي؟.