** كان ليلتها نجمًا وهو يحاول ان يدخل في تفاصيل ماضينا الذي ذهب معظمه لأسباب كثيرة نكتشف هذه الأيام كم كنا قاسين ونحن نفسر وجود تلك الآثار تفسيراً متعسفاً متجاهلين ضرورة الاهتمام بها، ان تاريخاً حيّاً قد حرمنا منه، فهذه الأرض تملك الكثير من علامات التاريخ الاسلامي حيث هي مصدر نبعه وأرض تحركه وفضاء امتداده هنا جرت.. معارك "الإسلام" الاولى التي كان يقودها النبي الأكرم صلوات الله عليه. هنا تحرك، هنا أقام دولة عظيمة كانت إشعاعاً على كل الدنيا. أذكر أستاذ التاريخ في أواخر السبعينات الهجرية عندما اخذنا نحن طلبة مدرسة العلوم الشرعية بالمدينة المنورة إلى موقع معركة أحد وراح يشرح لنا احداث المعركة وهو يشير لنا هذا موقع جبل الرماة فأوقفنا عليه، وهنا كان يقف الرماة الذين طلب منهم الرسول صلوات الله عليه عدم مفارقة المكان مهما حدث من انتصار لنا، وهناك كان يقف خالد بن الوليد يتحين الفرصة، وهذا جبل أحد حيث انسحب المسلمون إليه وهنا صرع حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول رضوان الله عليه، كان مدرس التاريخ الأستاذ خليل الرحمن رحمه الله يقدم لنا درساً عمليّاً عن هذه المعركة أغنانا عن تصفح عشرات الصفحات، مرة أخرى ذهب بنا الى موقع الخندق وراح يشير لنا هنا موقع الخندق ومن هنا قفز عمرو بن ود العامري وهنا تصدى له الامام علي فصرعه وهنا كان يقيم الرسول صلوات الله عليه هذا مكان قيادته، واذا ذهبنا الى بدر حيث اول معركة تدور رحاها بين الكفر والإيمان معركة الفرقان: هذه هي الأرض التي دارت على ثراها تلك الشخوص المؤمنة فهذه القصوى الدنيا وتلك العليا وهذا القليب الذي قذف فيه أجساد اولئك العتاة.. الجبابرة. فكانت نقطة التحول الكبير من الضعف الى القوة والانكماش الى التمدد والظهور. وهذه خيبر حيث قصر "مرحب" ذلك القائد اليهودي وتلك المعركة الفاصلة التي جرت على تلك الارض، ان بلادنا زاخرة بهذه المواقع الاثرية والتاريخية هذه أمثلة وليست حصراً. هكذا كان يفعل استاذنا ويقدم لنا درساً عمليّاً عن التاريخ مستغلاً تلك المواقع التي ضاع موقع بعضها كالخندق الذي تحول الى عمارات وها هو جبل الرماة في طريقه الى "الذوبان". ان مهمة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان كبيرة و"عويصة" أيضاً ولكن ان همته وتفهمه لقيمة هذه المواقع هو ما يجعلنا نتفاءل في المحافظة على ما تبقى منها لأنها تاريخ وصعب على الإنسان انسلاخه من هكذا تاريخ.