** يحق لأنصار وعشاق النادي الأخضر، الذي يتخذ من شارع التحلية بجدة مقرا له أن يعضوا على شفاههم، أو أن يضعوا أيديهم فوق رؤوسهم، عطفاً على النتائج الباهتة التي صار يسجلها الفريق الأول لكرة القدم مؤخراً، ولغيابه الطويل تقديم نفسه في صورة مدهشة، تفتح حدقتي عيون مشجعيه على كامل استدارتها، فيرقصون امام لعبة الزمار، نشوة وطرباً كما فعلوا بعد "الثنائية" التاريخية غير المسبوقة قبل اربع سنوات، على جارهم، ومنافسهم التقليدي الاصفر العنيد. ** محبو النادي الأهلي، وهم يدخلون إلى النادي الاخضر، لابد ان تقع عيونهم على المجسم الابيض الشامخ امام النادي، والذي يبدو على هيئة شجرة تحمل نهايات أغصانها عشر كؤوس، كان "أهلي زمان" قد انتزعها بجدارة لافتة من منافسيه، بعد كرّ وفرٍّ نبيلين، ليتوج بعد ذلك بلقب عفوي وشعبي ومنطقي، هو "قلعة الكؤوس" !! ** كنت قبل أربع سنوات، وبعد ظهر أحد الايام الحارة والرطبة من أيام جدة، عائدا إلى منزلي من مقر عملي، وعندما حاذيت مقر الاهلي، كنت ارى مشجعا اهلاويا يحمل فوق سيارته مجسما عملاقا لتمساح مصنوع من الجلد، وكان ذلك اليوم هو موعد اللقاء الختامي لكأس سمو ولي العهد، بين الأهلي والاتحاد، والتي كسبها الاهلي وتوج نفسه يومها بطلاً، وكتبت في سجلاته لذلك العام صك انتزاع الثنائية الشهيرة لذلك الموسم. * لا أعرف تحديداً لماذا اختار أنصار الاهلي التماسيح تعويذة او شعارا لناديهم، وهو على أية حال خيار جماهيري عفوي، لكن الذي اعرفه تماماً أن النادي الأخضر يملك حشداً هائلاً من العشاق، الذين ذابوا في حب ناديهم إلى درجة الوله، والاّ ما الذي جعل ذلك المشجع الأهلاوي، وغيره الكثيرون، يقطع راحته في تلك الظهيرة المشتعلة بحرارة القيظ، ليكون من اوائل الذين يتقاطرون على جنبات المدرج الجنوبي للاستاد الرياضي، ليقدموا الدعم المعنوي لناديهم. ** النادي الأهلي قام في الأساس، ليكون هو النادي النموذجي، تلك كانت فكرة وهدف اعظم رؤسائه سمو الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله، رائد الرياض الكبير، والأب الروحي للأهلي، وصانع امجاده، ورئيسه الذهبي، الذي لم يتكرر حتى الآن، فما الذي صنعه الأهلاويون - بكل مستوياتهم - للمحافظة على إرث الرئيس الكبير، الذي صنع للأهلي هيبة، قال عنها خليل الزياني وأنا استمع له تلفازيا قبل شهرين: "كان الأهلي النادي الوحيد الذي نخشاه، ولا نضمن لأنفسنا الفوز أمامه"؟!! ** الذي يتعين على اصحاب القرار في النادي الاخضر، وكذلك المطلوب من كل رموزه الحالية والمحبين له، ان يعيدوا ترميم ما تداعى من هيبة "أهلي زمان" من خلال جملة من الرؤى، وعبر جلسات تشاورية، لا يطغى عليها الرأي الواحد، ولا الفكر الواحد، فهذا ما يتطلبه العمل في هذا الزمان، وهو المعمول به في الاندية الكبيرة المنافسة، حتى يشعر كل اهلاوي أنه هو المسؤول عن بناء فريق جديد، صاحب روح قتالية، وعزيمة فعالة، غير هذه الروح، وهذه العزيمة التي نراها اليوم في صورة خجولة، باهتة، ولا طعم لها ولا رائحة!!. ** الكاتب الأهلاوي حسن عبدالقادر، ومن خلال مقاله في عكاظ قبل أيام، كان من ضمن من حرضني على بناء هذه السطور، خصوصاً عندما أورد حكاية العجوز الألماني الذي قال له من قبل عدة سنوات "إن لاعبي الأهلي مثل سيارة المرسيدس تعمل بموتور فولكس فاجن"!!.. وكان يقصد أن اسم الاهلي كبير، ولكن قوة الدفع الحالية أقل من المطلوب، لذلك فإنه لا يمكن بهكذا حال أن يصل إلى نهاية السباق قبل الآخرين!! ** النقطة التي أختلف فيها مع السيد عبدالقادر قوله إن على الاهلاويين ان يصبروا خمس سنوات قادمة، حتى تبدأ ثمار الاكاديمية الاهلاوية في الاستواء والنضج وتمثيل الفريق الاول، وأقول إن هذا كثير، وهو زمن طويل .. ثم من الجانب الآخر فإن أي فكر إداري لابد أن يحمل في طياته استراتيجيتين للعمل، الأولى بعيدة المدى والثانية آنية وقصيرة الأمد، فماذا فعله او سيفعله الاهلاويون اليوم وغدا كاستراتيجية قريبة، ولماذا لا يفعلون ما يفعله الآخرون، واقربهم جاره الاتحاد، بالتعاقد مع لاعبين مؤثرين، بدلاً من هذا الفشل في استقطاب الاجانب سنة بعد سنة. ** أنا في واقع الأمر أستغرب، مثل الجمهور الأهلاوي العريض، كيف تراجعت الطموحات، وكيف تقزمت الآمال لدى الفريق الأول، بحيث صار يعود من ملعب نجران مثلاً خاسراً النتيجة والمستوى، بينما جاره القريب "الاتحاد" يتوهج ضمن البطولة الآسيوية، ويدق أبواب العالمية .. هذا السؤال المحوري ليس موجهاً بالطبع إلى جمهور الأهلي، وإنما إلى اصحاب القرار في النادي فهل يجيبون؟!!.