عندما أمسكت بقلمي للتعبير عن شعوري بالآسى العميق لفقد الصديق الصدوق، والإنسان الخلوق ، والاديب المرموق السيد محمدعلي بلفقيه المشرف على التصحيح وعلى صحفة الرأي سابقا في جريدة "المدينة" خطرت في ذهني كلمة وجيزة ومعبرة وهي "شموع تحترق" وهي تقال مجازاً في وصف العاملين المخلصين الامناء الشرفاء الذين يعملون بجد وصمت بوازع من ضمائرهم الحية والتزامهم بالقيم الاخلاقية. وفي مجال الصحافة وخلف كواليسها نماذج مثالية ممن يكرسون جهودهم وطاقاتهم الجسمية والفكرية لعمل وانجاز ما انيط بهم من واجبات دون تظاهر أو تفاخر، ويكابدون متابع المهنة - اي مهنة الصحافة - واذكر انه حيت تم تعيين الاستاذ علوي طه الصافي نائباً لرئيس تحرير جريدة "المدينة" زرته في المستشفى على اثر ما ناله من ارهاق العمل الصحفي وباركت له في تعيينه في منصبه بجريدة "المدينة" وقال : إن الذي يمارس العمل في مهنة الصحافة مغبوط مع انها مرهقة للأعصاب . وهذا يؤكد أن من يعملون بجد وأخلاص خلف كواليس الصحافة يصدق عليهم القول "شموع تحترق". والفقيد العزيز السيد محمد علوي بلفقيه كان من حملة المشاعل التي تنير الطريق في دروب الصحافة والثقافة والادب. وجريدة "المدينة" صحيفة عريقة وتستحق دعمها بالمتميزين علماً وخلقاً وأدباً. وهذه كانت صفات الفقيد السيد محمد علي بلفقيه . وصلتي بجريدة "المدينة" ككاتب متعاون تمتد من عهد صحافة الأفراد وأول مقال نشر لي فها حين كانت تصدر من مقر تأسيسها المدينةالمنورة. واستمرت مساهمتي الكتابية المتواضعة في جريدة "المدينة" بعد انتقالها الى جدة وبعد تحويل الصحف الفردية الى مؤسسات ، ومحصلة جهدي في الكتابة بجريدة المدينة شرف القيمة الادبية كما حظيت بمعرفة بعض من تعاقبوا على رئاسة تحريرها، وصداقة بعض محرريها وفي مقدمتهم الفقيد العزيز السيد محمد علوي بلفقيه الذي عرفته وتواصل التعامل وتبادل مشاعر الود والتقدير بيني وبينه منذ اكثر من 20عاما وكنت ازوره في مكتبه في مقر الجريدة لا لغرض معين ولكن بدافع الشعور بالمودة والاحترام. ومن كان يطلع عن قرب على كم وكيف ما يؤديه من نشاط في عمله الصحفي اليومي يدرك مدى اهمية الدور الذي كان يقوم به ضمن جهاز التحرير، وكان موضع تقدير واحترام المسؤولين والعاملين في جريدة "المدينة" على اختلاف مستوياتهم وتخصصاتهم. أما علاقتي الشخصية معه ومشاعري نحوه فهي تسمو فوق المجاملات . لقد كان رحمه الله مثالاً في التواضع الجم، وكان يميل إلى البساطة في مظهره وحديثه مع كل من يخاطبه مهماً كان مستواه الثقافي أو الاجتماعي. وكلما ذهبت أو عبرت من عن مقر مؤسسة المدينة اشعر بخصوصية شخصية أحد رجالها العاملين المخلصين وهو الفقيد السيد محمد علوي بلفقيه رحمه الله. وبعد أن ترك العمل في جريدة "المدينة" لظروفه الصحية كنت اتواصل معه عبر الهاتف حتى أعبر له أن مودتي وتقديري له لم تكن لمجرد تعامل بين كاتب ومسؤول صحفي، وإنما كانت مودة صادقة راسخة مبنية على الود والاحترام المتبادل. أكتب هذه الكلمة العجلى عن فقيدنا العزيز السيد محمد علوي بلفقيه، وأدرك أنني لست وحدي من يقدر ويحترم هذا الإنسان المثالي، وأن محبيه وعارفي فضله كثر. رحمه الله وأثابه على مابذله من جهود في خدمة الدين والوطن. والعزاء لأفراد أسرته وأبنائه الاعزاء.