بالأمس القريب فقدنا والأسرة الإعلامية السعودية الصحافي اللامع والمثقف والأديب، أعني من كان صحفياً ناجحاً صادقاً أميناً يمتاز بسلامة تفكيره السليم وسرعة بديهته وكان أخاً وشقيقاً ودمثاً بأخلاقه، بكل ما في الكلمة من معنى ووضوح، ألا وهو الأستاذ محمد صلاح الدين. نعم الموت حق على كل مؤمن بعقيدته في قوله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ، إنها آية كريمة ترددت في كثير من آيات القرآن العظيم. والحقيقة كان الفقيد من رجالات الإعلام والثقافة الإسلامية والعربية، وشهدت حياته في العمل الصحفي الذي زاد عن ستة عقود صفحات ناصعة حازت على تقدير كل من عرفه أو تعامل معه في مجال الكلمة الرصينة من إعلاميين أو كتاب وأدباء الثقافة في الجزيرة العربية ومن أصدقائه في العالم العربي. لذلك كان رحيله خسارة كبيرة لكل من عمل في مهنة الصحافة، لأن موته كان غيبة عن حياة حافلة بالعطاء الصحفي والثقافة، إذ كان مثالاً للمفكر الصادق الأمين في أعلى الدرجات، ذو قامة وقيمة فكرية إنسانية عالية. لقد دفعني الواجب الأخلاقي لأن أكتب ضمن من كتب عن الفقيد، إذ كانت صلتي بالفقيد قبل ستة عقود مضت وبالتحديد في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، فقد جمعتنا المهنة الصحفية تحت سقف واحد في ذاك التاريخ بجريدة عربية كبرى هي صحيفة (الحياة اللبنانية)، فقد اختار كامل مروة صاحب ورئيس تحرير صحيفة الحياة محمد صلاح الدين لتغطية أخبار المملكة العربية السعودية في صحيفته العربية، بينما كنت شخصياً مسؤولاً في سوريا عن جريدة الحياة، لذلك كانت معرفتي بالزميل الفقيد محمد صلاح الدين كأول صحفي سعودي، وتكررت اللقاءات بيننا لسنوات عديدة سواء في بيروت أو في المملكة. لقد كان الزميل الفقيد محمد صلاح الدين ركناً من أركان العمل الإعلامي ونجماً من نجومه، وكانت له صداقات في أكثر دول العالم الإسلامي، وأنشأ الدار السعودية للنشر والتوزيع ومقرها في مدينة جدة واختص في نشر الكتب الثقافية والإسلامية. وعندما أزور مدينة جدة كنت أزور الدار السعودية واشتري كل كتاب حديث صدر عن الدار، كما كنت التقي بالزميل صلاح الدين وأزوره في مكتب مكة للإعلان والتوزيع، وكان أول نشاط إعلاني ظهر في المملكة العربية السعودية وساهم في شؤون الدعاية لعديد من المؤسسات الرسمية والتجارية ونشاط السياحة والطيران. رحم الله أبا عمرو وأسكنه فسيح جناته وألهم زوجته وأبناءه عمرو وأمل وسارة وهلا وذويه الصبر والسلوان. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .