عام بعد عام يضيف المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية جديدا لساحة الوطن وللأمة، وعام بعد عام نشعر بقيمته وسط خضم إعلامي تموج به الساحة العربية وفضاءاتها، ويزيد من حيرة الإنسان العربي وانقسام وبلبلة أو تسطيح ولهو، فلا حافظنا على تراث ولا أمسكنا بحلم يعطينا شيئا من التفاؤل، وكأن العقل في أزمة، وهذا ما نراه في أصوات كثيرة نشاز تصارع صوت العقل أما في مهرجان الجنادرية، فالفضاء أرحب حتى في أكثر القضايا المثيرة للخلاف، لأن الاختلاف في بلد الحرمين لا يفسد للود قضية أبدا ولا يحمل اتهاما، ومن أجل هذا امتدت فعالياته وأهدافه من المحلية إلى العربية ثم إلى العالمية التي بينها قواسم مشتركة من الفكر والهموم التي يشكو منها الإنسان اليوم. فالسلام والنماء هدف لكل العالم والبشرية، والإرهاب خطر يعاني منه العالم والبشرية لأنه لا جنس له ولا وطن. وقضايا الأمة وحقوقها العادلة تنتظر العدالة الدولية. وهذه الحقيقة التقى عليها الجمع في رحاب الجنادرية، مثلما التقى الفكر الإنساني بكل اختلافاته على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار الحضاري ومؤتمره العالمي. لقد افتتح خادم الحرمين الشريفين وفقه الله المهرجان الوطني الرابع والعشرين وسط حضور مميز من المفكرين والمبدعين من المملكة ومن الدول الشقيقة ومن العالم الإسلامي وغيره وعندما يلتقي الفكر على قضايا كبرى، وفي رحاب هذا المهرجان، فإنه يكون أكثر التقاء على حاجة عالم اليوم من استقرار على أسس مهمة مهما كانت الاختلافات، ففي الجنادرية لا يكون الصوت واحدا ولا طرف مستهدفا من طرف، وإنما تلاقح الأفكار وتبادل الرؤى على قاعدة من الاحترام، فقد شهد المهرجان فعاليات هامة، وأصبحت ندوته الثقافية الكبرى رافدا حيا للهدف الواحد وهو تشخيص علل عالم اليوم وأمراضه التي تحتاج إلى الفكر وأصحابه، ووصف الدواء بقناعات منفتحة، وأيا كانت السياسات والتناقضات والصراعات وقسوة الحروب، فإن الفكر وحده هو ما يكبح جماح التطرف ؟.. أيا كان مصدره، جماعات إرهابية أو أفراد أو إرهاب دولة كالذي يقوم به الكيان الغاصب في فلسطين. وإلى جانب التنوع الثري في فعاليات المهرجان من التراث والفنون واللوحة الجميلة للافتتاح بالرعاية الكريمة، فإن الجنادرية باتت علامة مميزة في مسيرة الوطن وثقافته ورسالته التي عنوانها دور الإنسان الحضاري، وقدرة وطننا على الإسهام الحضاري، وقد عبر أوبريت "وطن الشموس" عن ذلك مثل أوبريت كل عام. لقد أصبح المهرجان مؤسسة حضارية عظيمة ترعى الإبداع وتكرم العقل، وتتفاعل مع قضايا الأمة.. ومن الفعاليات الهادفة المضيئة مسابقة خادم الحرمين الشريفين لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة للطلاب والطالبات.. ولأن مهرجان الوفاء للتراث والثقافة والعطاء والهوية والحضارة بمفهومها الناصع، فإنه يكرم كل عام شخصية ثقافية سعودية، وكان هذا العام على موعد جديد مع الوفاء والتقدير لشخصية اتسمت بالعطاء فكرا وجهدا ومسؤولية في خدمة الدين والوطن ونحمل لها جميعا كل التقدير والمحبة، ألا وهو معالي الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخويطر ، وكلنا نعرف هذه القامة الوطنية الكبيرة، متعه الله بالصحة والعافية، وقد فرحنا كثيرا ونحن نتابع تكريمه من قائد الوفاء ورمز التكريم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه. وكما هي رسالة حب للبشرية من المهرجان فإننا نسجل رسالة اعتزاز بهذا المهرجان الذي أصبح المهرجان الأول والأهم عربيا وبما يحظى من رعاية دائمة من ولي الأمر، وقد رعاه فكرة وأهدافا وملتقى لخير الأمة وهويتها وقضاياها مثلما يعبر المهرجان عن رسالة خير وسلام من مملكة الإنسانية والخير. كل التحية للجنة العليا وجميع اللجان الفرعية وكل العاملين فيه وإلى الأمام دائما بمزيد من الإسهام والتفاعل تحت خيمة وظلال الجنادرية الوارفة. * حكمة:قال الله تعالى: " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء". للتواصل : 6930973 02