شاركت في المهرجان الوطني للتراث والثقافة ( الجنادرية) عضوا في لجنة المشورة الثقافية للمهرجان .. كما شاركت ضمن ضيوف المهرجان لسنوات عدة .. ولمست من خلال ذلك وعلى أرض الواقع حقيقة المهرجان كتظاهرة حضارية رفيعة المستوى تتجاوز النطاق المحلي لتبلغ رحاب العالمية. الجنادرية حدث حضاري وفعل تنويري يجسد قيمة الوعي ودلالات التطور بفعالياتها وأنشطتها ومشاركيها. على امتداد نحو ربع قرن من عمر الزمن يواصل مهرجان الجنادرية تأصيل التراث وبحث قضايا الأمة وإثراء الحركة الفكرية والثقافية .. ليمثل وزنا وثقلا ملموسا في المشهد الثقافي العربي والدولي بصورة تجسد أصالة الإنسان السعودي وتعكس قيمه وتطوره. الجنادرية كما قال فضيلة الدكتور إبراهيم أبو عباة .. تجسد الدور الريادي للحرس الوطني .. فهو ليس فقط مؤسسة عسكرية متفوقة بل هو أيضا مؤسسة ثقافية رائدة تمتلك القدرة والإمكانيات لتنظيم هكذا تظاهرة. وهي مناسبة تقدم المجتمع السعودي للعالم بأبعاده الحقيقية من خلال مزج الأصالة بالمعاصرة التي يتواصل فيها الماضي التليد مع الحاضر المجيد في تكامل حضاري تنموي أخاذ. لقد أكمل المهرجان ربع قرن على انطلاقته الأولى في عام 1405ه .. فتكامل نضجه واتضحت معالمه كمهرجان عالمي يجسد حقيقة الدور التنويري للحرس الوطني .. في ترسيخ العطاء التنموي للإنسان السعودي .. وفي تعامله وانفتاحه على الآخر من خلال ما يتبناه خادم الحرمين الشريفين لتعميق مفهوم الحوار محليا وعالميا من منطلق دوره الريادي الذي انتزع إعجاب العالم. ففي ذلك يقول خادم الحرمين الشريفين : «إن الأمة عطشى للتواصل والحوار البناء ولزيادة رقعة الفهم والتفاهم بينها وبين الأمم الأخرى .. وهذا ما حرصنا عليه من خلال طروحات تعنى بحاضر الأمة العربية والإسلامية واستلهام المنهج الإسلامي الصحيح في علاقاتنا مع الأمم والحضارات الأخرى». وبناء على هذه الرؤية عمدت اللجنة المنظمة للمهرجان إلى تبني فكرة تخصيص كل دورة من دورات المهرجان للتعريف بثقافات وتراث الدول الشقيقة والصديقة إسهاما في ترسيخ قيم التقارب بين الشعوب وتلاقي الحضارات وإثراء المهرجان بالتنوع الثقافي الحضاري. ففي هذا العام يستضيف المهرجان دولة فرنسا .. في إطار نهج المهرجان لمد الجسور مع ثقافات وحضارات العالم وإشراع نوافذ المعرفة بين الشعوب. ومن ناحية أخرى فإن المهرجان – كما قال مهندسه الأمير متعب بن عبد الله – يعد رمزا لوحدة الوطن حيث يجمع مناطق المملكة المختلفة بفنونها الشعبية وحرفها التقليدية وبيوتها التاريخية. وحيث إن تطوير المهرجان يعد مطلبا حيويا لضمان نجاح مسيرته .. فلقد كانت رؤية خادم الحرمين الشريفين حاضة على التطوير المستمر .. حيث يقول : «إن هناك حاجة ملحة لتقييم وتقويم مسيرة المهرجان وطرح رؤى وتصورات تتفق مع طموحات هذا الوطن ومكانته السامية في القلب من أمته العربية». ولهذا فإن فعاليات مهرجان هذا العام الذي جاء تحت عنوان «عالم واحد وثقافات متعددة» تحمل التجديد في طروحاتها التي تنوعت وامتدت من محاور الحوار والسلام وقبول الآخر وحوار الثقافات .. إلى الإعلام السياسي .. إلى الأزمة المالية العالمية .. إلى القيم الإنسانية المشتركة لتعايش الشعوب .. ويشارك في هذه الفعاليات (400) مفكر ومثقف من مختلف أنحاء العالم. والجديد أيضا خروج فعاليات المهرجان إلى مناطق المملكة ..وهي خطوة رائعة .. حيث تعقد بعض ندوات المهرجان في عدد من المناطق .. إذ تحتضن جامعة الملك عبد العزيز في جدة ندوة المهرجان عن الأزمة المالية العالمية. وكذلك الجديد إقرار جائزتين عالميتين جديدتين هذا العام .. الأولى (جائزة الملك عبد الله العالمية للثقافة) والثانية (جائزة الملك عبد الله العالمية للتراث). ويظل التواصل الفكري الذي يتيحه المهرجان بين الشرائح النخبوية الثقافية من مختلف أنحاء العالم .. من الإضافات الثرية للمهرجان. وأخيرا لا يسعنا إلا أن نزجي التحية للقائمين على تنظيم هذا الحدث الحضاري الضخم .. وفي مقدمتهم سمو الأمير متعب بن عبد الله (مهندس المهرجان). *** من أوبريت الجنادرية (24): يا وطن من سوى ربك عظيم ومن سوى الله يوصف بالكمال ولو على الأرض جنات ونعيم جعل تفداك يا شهب الرمال