هل يشعر المدير بأنه في موقع الاتهام من قبل أقرب الناس إليه موظفوه ؟ بالطبع هي مشكلة هامة في حياة المواطن بمثابة ظاهرة نضعها في إطارها الواقعي وأطرحها كحالة من الحالات ..فالبعض من المدراء تضيق عينه وتضطرب جوارحه لأنه يتصور أن ترقية الموظف أو تميزه يؤثر على كرسيه !!وهذه ظاهرة نفسية تتفشى في المدراء في بلادنا ممن لا يملكون الثقة بالنفس والآخرين من موظفيهم ويفقدون مشاعرهم وعواطفهم وحتى إنسانيتهم في التعامل مع موظفيهم المتميزين الأكفاء أو ذوي المؤهلات العالية لأنهم يرون فيهم التهديد لمواقعهم ، فيأخذ هؤلاء المدراء يناصبونهم العداء بالكيد لهم وإبعادهم وأحياناً تجميدهم والشك في أماناتهم ويلجئون إلى اللعب في تقارير أدائهم الوظيفية ، وأنهم ليسوا عمليين أو أنهم غير منضبطين في أعمالهم رغم أن هؤلاء المدراء هم السبب الرئيسي لتسيب هؤلاء المميزين في أعمالهم وهم أول من يجردون الأكفاء من صلاحياتهم ويسحبون كل الثقة منهم ويبادلونهم نظرات الشك والريبة وأحياناً يلجئون إلى الدسائس والمواجهة بأنهم غير مناسبين للعمل وأنهم غير أكفاء وغير منتجين لأعمالهم التي أسندت إليهم ويوحون إليهم بأن وجودهم في ذلك الجهاز غير ملزم لأنهم جُردوا من جميع أعمالهم الإدارية ، ولذلك يبيت ذلك الموظف في حيرة من أمره لأنه لا يعلم سبب هذا العداء المستمر والمتراكم والحملات الدعائية التي تتفاقم ضده علماً بأنه لم يصدر منه شيئاً يستحق هذه المعاملة السيئة أو الحرب النفسية ، ولذلك يلجأ بعض المدراء إلى أسلوب " فرق تسد " في أجهزتهم وذلك تغطية لسوء معاملتهم وفشلهم في قيادة هذه المصلحة !!فيصبح شغله الشاغل هو إيجاد نوع من الإنقسامات بين موظفيه حتى يغطي على خيبته وحسده وغيرته ويصبح الكل مدان في نظره .. هؤلاء المدراء يقربون من تتوفر فيهم صفة القيل والقال ونقل الأخبار المغرضة ولو كان ذلك من قبل الموظفين الصغار غير المؤهلين الذين لا تتوفر فيهم الأهلية للعمل أو المؤهل أو التخصص لإدارة ذلك الجهاز ، فهم يقربون أولئك ويستغلونهم أبشع استغلال ويوظفونهم لخدمة أعمالهم الخاصة وحتى المنزلية منها .بالطبع مثل هؤلاء يرضخون لذلك المدير المتعجرف الذي جعل منهم عيوناً ساهرة وألسن له في جميع إداراته وأقسامه !!وفي نظر سيادة هذا المدير هؤلاء هم المخلصون لشخصه قبل أدائهم الذي وجدوا من أجله ، فتراهم يتسابقون لإرضاء المدير وخدمته ويسعون للمحافظة على وده ويتزاحمون على مواقعهم ووظائفهم التي رشحهم إليها في مراقبة المخلصين في أعمالهم !!. وفي نظري أن مثل هؤلاء المدراء لا بد وأن يخضعوا إلى فحص نفسي كما هو حاصل في بعض الدول المتقدمة ، فضرورة إخضاع القيادات ممن يتولون المناصب القيادية ضرورة حتمية ، حيث يتم إخضاع الشخص المرشح لفحوص واختبارات ودورات في القيادة وضبط النفس وحسن التعامل مع الآخرين . ونحن كإداريين متمرسين نعرف أن الرئيس ما هو إلا مجرد أداة لتنفيذ لوائح وأنظمة الإدارة التي وضعته في مكان لا يستحقه ، حيث أن حالات الاضطهاد في بعض مواقع العمل تعود إلى سوء الاختيار وإلى وجود خلل في شخصية ذلك المدير أو المديرة أحياناً ، كما أرجعها شخصياً إلى عدم الثقة بالنفس بما ينعكس سلباً على المرؤوسين ..وبالطبع أؤكد أن مثل هذه النماذج القيادية في إداراتنا هي التي تسيء إلى صورة المنصب القيادي ، فلو كانت هناك أسس علمية لاختيار المدير لما وجدت هذه النفسية التي تسبب كل هذه المشكلات وتلجأ إلى صغار الأمور في التعامل مع المرؤوسين ؟ ! وأعتقد أن هذه المشكلات نتغلب عليها بزيادة الوعي الوظيفي لدى الموظفين وتعريف الناس بحقوقهم وواجباتهم ومهام أعمالهم وتوصيف وظائفهم المناطة بالموظف وتعريفه بها والتوقيع عليها من خلال إسناد أي عمل إداري لأي موظف في أي موقع كان !!ولكن للأسف الشديد ما هو معمول به الآن في إداراتنا غير ذلك ، فالموظف يعتبره مديره كشكول لأداء أي عمل يُسند إليه دون تعريفه بمهامه وصلاحياته ومتطلباته الوظيفية وتوصيفها والتوقيع عليها . من هذا المنطلق ينفذ بعض المدراء ضعاف النفوس إلى موظفيهم بالتجميد وأحياناً يتسلطون بسلب حقوق وواجبات الوظيفة أو الموظف بمجرد أن يضعه في رأسه ومخيلته وخلعه من أداءه الوظيفي الذي يحدده ذلك المدير حسب رضاه أو عدم رضاه عن الموظف دون علم الموظف بمهام تلك الوظيفة .ولذا تجد الموظف مثل لعبة " الشطرنج " ، يحركها المدير حسب رغبته ، فهو يرفع من يشاء ويخفض من يشاء من موظفيه ، ولذلك تصبح القدرة والكفاءة والتميز هامش لذلك المدير يمنحه من يشاء ويجرده عمن يشاء ..وهنا تصبح اللوائح والأنظمة بالطبع معطلة ينزع إليها المدير عند الحاجة لتطبيق تلك اللوائح أو تعطيلها في سبيل الإضرار بالآخرين !!ولذلك ترى موظفين مؤهلين مجمدين في مراتبهم سنين طويلة وآخرون غير منتجين يعتلون مراكز ومناصب عليا ، فالكفاءة في ظل هذه الإدارة التقليدية المركزية معطلة تماماً تئن تحت وطئت المحسوبية والتسلطية وأحياناً كثيرة العنصرية ؟ !!ولذلك تفشّى في إداراتنا الفساد الإداري وتعطلت مصالح الناس وخيمت البيروقراطية الإدارية على أقسامها ومصالحها !! فمن هذا المنبر نناشد الجهات الإشرافية والوزارات الرقابية وهيئة مكافحة الفساد التي أُنشأت مؤخراً لمزاولة مهامها الإدارية والرقابية والإشرافية وتعديل اللوائح والأنظمة القديمة واستبدالها بأنظمة حديثة تحقق الإنتاج والتطور وتحفظ للمراجعين حقوقهم وللموظف كرامته الضائعة في أجهزتنا الإدارية ، فالقيادة هي أمانة قبل أن تكون كفاءة وهي إنتاج قبل أن تكون مركزاً لإصدار الأوامر والتعليمات ، وهي تعاون ووفاء وحب وتفاني .