آثارها أسطورة خلدها التاريخ : (النماص) درة تعانق السحاب وتتوشح بالبَرَد فهد الشيخي (النماص) درة أبت إلا أن تعانق السحاب فكان لها ذلك وسماها محبوها مدينة الضباب وعاشت منذ خلق الله الأرض تتعالى على الغيوم وتغتسل بزخات المطر وقطر الندى وتتزين وجناتها بأكوام (البَرَد) الذي يزهو بها ويتقاسم الحسن الرباني مع الخضرة النضرة التي اكتست بها محافظة النماص وكأنها عروس تختال في ليلة عرسها بثوبها السندسي البديع وطيب أنفاسها التي تبعثر أزهارها الملونة كل صباح وتوقظ أشجان الزائر لهذه المدينة الغائصة في جمال الطبيعة البكر . فعلى بعد مايقارب 150 كم شمال مدينة أبها تقع محافظة النماص التي يحدها من الجهة الجنوبية مركز تنومة التي لا تقل فتنة وحسنا عنها و يبلغ عدد السكان في محافظة النماص تسعون ألف نسمة بما في ذلك مركز بني عمرو والسرح. وهي إحدى محافظات منطقة عسير التي تشهد تطوراً عمرانياً وحضارياً مواكباً لما تشهده كافة مدن المملكة من حيث اكتمال الخدمات وجمال البناء والتخطيط فلا تكاد تخلو قرية من قرى محافظة النماص من الخطوط المسفلتة ومشاريع مياه الشرب وخدمات الكهرباء والهاتف حيث بلغت نسبة تغطية الكهرباء والهاتف لقرى محافظة النماص نسبة 100٪. ويتجلى جمال الطقس في محافظة النماص أثناء فترة هبوب الرياح الموسمية الصيفية حيث تنخفض درجة الحرارة وتهب نسمات الهواء الباردة فتدثرت المحافظة بثوب أخضر ملفوفاً بطوق من الضباب والسحب حيث يأتي الضباب بين الحين والآخر فيضفي نوعاً من العناق البديع بين بياضه الناصع وخضرة الأشجار المتعانقة وتدب الحياة في ينابيع المياه والشلالات المائية مصدرة هديراً وتدفقاً للمياه مصحوباً بتغريد الطيور المهاجرة والمستوطنة فتصبح محافظة النماص في هذا الوقت مصدر جذب سياحي لكافة المواطنين والوافدين من دول الخليج العربي. ومن أبرز ما يميز هذه المحافظة البهية كما يذكر محافظ محافظة النماص سعيد آل مبارك أنه بالإضافة إلى الطبيعة الخلابة الريف الجميل بكل عاداته وتقاليده وطقوسه اليومية بما فيها من مواسم الزوجات التي مازالت تحمل عبق الماضي في ثوب قشيب من الأصالة ولكي يجد المصطاف والزائر المتعة من خلال زيارته للمحافظة فقد تم توفير العديد من الخدمات الضرورية والمساندة التي تضفي المتعة لكل زائر وتوفر ما يحتاجه المصطاف من كهرباء وماء ومحاضرات توعية دينية وتثقيفية لذا يجد الزائر للمحافظة الكثير من المتنزهات المتكاملة خدمياً حيث تم توفير الماء والكهرباء وملاعب الأطفال وتهيئة الجلسات العائلية ذات الخصوصية مثل ما هو موجود في (منتزه آل وليد وجبل ناصر) ومنتزه شحر ومنتزه شعب العين ومنتزه سنان وبدعة كما أن العديد من المتنزهات تعطي المصطاف الخصوصية المطلوبة نظراً لكثافة أشجارها كما هو متوفر في غابات ومنتزهات (الغمى وجبل العرفج ومنتزه العقيقة - شعف صدريد وشعف آل زيدان ومنتزه آل جميرة - وادي ترج - وادي بدوة - وادي مدار) ويضيف تزخر مدينة النماص وما جاورهما بالآثار المتنوعة - الواضحة المعالم - والتي تدل على أن المنطقة قد شهدت منذ القدم حيث تعتبر ممرا لقوافل الحجاج القادمين من جنوبي الجزيرة بالإضافة إلى قوافل التجارة قبل الإسلام وبعده ونتيجة لذلك كان من الطبيعي أن تزدهر هذه المنطقة وأن تشهد فترة استيطان جعلت آثارها للعيان. المباني القديمة في محافظة النماص للوهلة الأولى يشد انتباه الزائر لهذه المحافظة وقرى قبائل بني شهر تلك القرى ومبانيها التي تزخر بعبق التاريخ لعمر يزيد عن 250 قرية مازالت تصارع الزمن وسط انصراف يد الاهتمام عنها إلا أنها لا زالت تقاوم عوامل التعرية ويد التخريب لتبقى شاهدة على تاريخ ذهبت به السنين وبقيت آثاره . ولعل الناظر في نظام تخطيط هذه البيوت الأثرية الذي اعتمده بناؤها في بنائها بعامة فإن بيوتها تكون غالباً مبنية من الحجارة والصخور التي جلبت من الجبال والأدوية المحيطة بهم غير أن ما يميز المباني القديمة في النماص عن غيرها من مناطق الجنوب قوة بنائها ومتانتها والفن المعماري البديع الذي اعتمد في تركيبته على البناء بالحجارة التي يتم جلبها من أنحاء لمحافظة وتتميز هذه المباني بالمتانة والقوة التي تصل إلى حد الإدهاش . عبد الله الشهري أحد المسنين القلائل في محافظة النماص الذين مارسوا أعمال بناء بعض هذه الدور ذكر في حديث له مع أزد أنهم كانوا يستعملون في بناء تلك المباني أحجارا تتناسب مع نوعية كل مبنى فهناك الحصون الشاهقة التي تستخدم لأعمال الحرب والتخزين للحبوب والمؤن وهذه لها طريقة خاصة في البناء والتشييد ولا يقوم ببنائها إلا بناء محترف وهي قديمة جدا لم نتمكن من اللحاق بأحد من الذين بنوها ولكننا كنا ننشئ بعض المباني الصغيرة والبيوت التي يسكنها الناس وهي صغيرة ولكنها صلبة وثابتة ولا يزال الكثير منها قائم حتى يومنا هذا بالرغم من مرور سنين طويلة عليها ويضيف الشهري قائلا يأخذك العجب عندما ترى البناؤون القدامى يستخدمون في البناء حجارة ضخمة و صخوراً كبيرة قل أن يحمل خمسة من الرجال صخرة واحدة بل ربما كانت أكثر قوة وصلابة وحجماً وتلاحظ أن مواقع هذه القرى القديمة في النماص عموما تم تشييدها على سفوح الجبال وتراها ملتحمة ومتلاصقة وكأنها لشخص واحد وتجد من بينها ممرات ضيقة تربطها بعضا البعض ولربما كان هذا النظام يرجع إلى حالة الخوف وعدم الاستقرار التي عاشها الناس في تلك الفترة من حروب وسلب ونهب لذا كان لزاما أن يكون أبناء القرية كلهم متقاربون في مساكنهم ليكونوا متقاربين ومستعدين لأي هجوم أو غزو قد يتعرضون له . ويمكن تقسيم المباني القديمة في محافظة النماص من حيث الحجم والشكل أقسام ثلاثة كما يذكر علي بن ظافر الشهري أحد المهتمين بالتراث في المنطقة حيث يصنفه بأنها على ثلاثة أقسام الأول (كبيرة) لعلية القوم وهي عبارة عن المباني الكبيرة التي يصل البعض منها إلى أربعة طوابق أو خمسة وتجتمع حولها عدة مباني صغيرة وكأنها تلتف حولها وتستأنس بوجودها بالقرب منها وعادة ما تكون هذه المباني المميزة والضخمة حجما وشكلا لعلية القوم من مشائخ للقبائل أو تجار في ذلك الزمن وتتميز هذه المباني بسماكة البناء ويغطي جدرانها (الجص) وهي مادة تشبه الأسمنت بيضاء اللون تغطي واجهات هذه المباني وتعطيها لونا وشكلا مغايرا لغيرها من المباني القريبة منها وكان البعض من الجصاصين يتفنون في تشكيل هذه المادة على أجساد تلك القصور الشاهقة ويتفنون في تمييزها عن غيرها ويتم تجديد هذه النقوش والجص من فترة لأخرى حسب الحاجة كما أن أبواب ونوافذ هذه المباني مميزة عن غيرها فهي تتميز بمتانة الأخشاب المستخدمة في صناعة النوافذ والأبواب التي تبهر الناظر من قوتها وضخامتها وجمال صناعتها ويضيف الشهري عادة ما تسمى هذه القصور بأسماء القبائل مثل قصر )ثربان) وقصر (أثرب) وكذلك قصر (حارث) وقصر (عمرو) ويرجع بناء بعض هذه القصور إلى أكثر من 300 عام. -الثاني البيوت السكنية وهي بيوت السكان والقرى التي تشكل نواة المجتمع القبلي والقروي آنذاك وتكون عادة من دور واحد أو دورين وتستخدم إلى جانب السكن لخزن الحبوب والأعلاف وإسكان البهائم ويقوم أفراد القرية أو القبيلة بجمع الحجارة لمن أراد أن يبني منزلاً دون أن يأخذوا أجراً على ذلك من باب التعاون وكذلك يقومون بجلب الأخشاب من الغابات المنتشرة في المنطقة وعند البناء يراعى أن تكون النوافذ والأبواب صغيرة والغرف ضيقة لظروف المناخ البارد في المنطقة. وتقع المساجد في وسط القرية ويكون المسجد إلى جانب العبادة مقراً لاجتماع القرية وحل المشكلات والمشورة. ويذكر الشهري أن في محافظة النماص عدة مساجد يرجع تاريخها إلى العصرين الأموي والعباسي كما دلت النقوش الموجودة على بعضها. الثالث :الحصون وتبنى مربعة الشكل تضيق كلما ارتفعت إلى أعلى وترتفع إلى عدة أدوار وتقع في وسط القرية أو على المرتفعات والجبال ومشارف القبيلة وتستخدم لأغراض عسكرية ضد أي عدو يهاجم القرى أو المنطقة وكذلك تستخدم للمراقبة وحراسة المزارع من السلب والنهب ولخزن الحبوب والأعلاف. قصر الحضارات قرية المقر التراثية (أو قصر الحضارات) تعتبر أعجوبة صاغتها عقلية هندسية تراثية في قالب سعودي بديع يعود بالأذهان للوهلة الأولى إلى قصر الحمراء في غرناطة الذي يتربع في ثنايا القرن السابع عشر. محمد المقر صاحب القرية التراثية يقول: استغرقت أكثر من 35 عاما واستخدم في البناء أكثر من مليوني حجر طبيعي من جبال عسير لتكون من شواهد براعة هذا الإرث التاريخي. ولم يدر بخلدي أني سأقضي بقية عمري في البناء والتشييد مروراً قبلها برحلات البحث عن الخبرة والدراية الكافية لتكون شرارة الانطلاق لمشروعي. ويضيف يحتوي هذا القصر على