رفض مجلس الشورى أمس تضمين وزارة الإسكان تقاريرها لتفاصيل تعاقداتها مع الشركات الأجنبية فيما يتعلق بطبيعة المنتجات السكنية من حيث الجودة والتكاليف، إضافة إلى مدى إسهام تعاقدات الشراكة تلك في حل مشكلة توفير المساكن كفاءة وسرعة إنجاز. واتسق تصويت الأعضاء على تلك التوصية الإضافية المقدمة من العضو الدكتورة فاطمة القرني، مع ما رأته لجنة الحج والإسكان والخدمات في المجلس إثر عرضها وجهة نظرها تجاه ملحوظات الأعضاء وآرائهم التي طرحوها أثناء مناقشة التقرير السنوي لوزارة الإسكان للعام المالي 1435-1436 ه، إذ رأت أن التوصية متحققة من خلال آلية عمل الوزارة فيما يتعلق بأي اتفاقيات تعاقد مع أي جهات خارجية, فكلها تخضع لمراجعة الحكومة والمجلس من خلال التقارير السنوية للوزارة. .......................................... خارج النطاق وعلقت العضو الدكتورة فاطمة القرني على ما أوردته اللجنة في هذا الجانب مبينة أنها لم تجد لهذا الجزم القاطع بالتحقق من قبل اللجنة شاهداً يذكر في تقارير الوزارة السابقة, بل وحتى في تقريرها الأخير الذي وصل المجلس مؤخراً عن العام المالي 1436-1437ه. وأضافت الدكتورة فاطمة القرني أن تحقق ذلك لدى الحكومة، وهذا خارج نطاق مطلب التوصية, ثم لو كانت الحكومة في غنى عن ما تنتظره من مجلس الشورى من القيام بدوره التشريعي والرقابي على أداء وزاراتها ومؤسساتها المختلفة, بما في ذلك ما تبرمه من اتفاقيات مع جهات داخلية وخارجية، لما أحالت إلينا هذه التقارير ولانتفى مبرر وجود مجلس الشورى!!. .......................................... أسف وأبدت الدكتورة فاطمة القرني أسفها كون لجنة الإسكان في المجلس كانت صوتاً لوزارة الإسكان وليس للمواطن!!!.. إضافة إلى إسهام مداخلتين (غير دقيقتين) من زميليها العضوين في المجلس في التأثير السلبي على نسبة التصويت، ورأت أن ما تضمنته مداخلتاهما يمثل تحجيماً للدور الرقابي الذي يُعد المبرر الرئيس لنشوء مجلس الشورى. وفي حين رأت العضو الدكتورة فاطمة القرني أن التوجه العام للمجلس كان مع تبني التوصية، حصلت عند التصويت على 68 صوتاً مؤيداً مقابل 43 صوتاً معارضاً. .......................................... مسوغات وعددت الدكتورة فاطمة القرني مسوغات توصيتها وفي مقدمتها الحراك الملحوظ من قبل الوزارة باتجاه التعاقد مع شركات أجنبية في السنة الماضية وما مضى من العام الحالي سواء على مستوى الإفادة من بيوت خبرة عالمية من جهة الاستشارات, أو على مستوى عقد شراكات لتنفيذ برامج ومشاريع إسكان متكاملة، إضافة إلى غموض المعلومات المتعلقة بهذه التعاقدات أو عدم استيفائها فيما يصرح به مسؤولو الوزارة, وكذلك موقعها الإلكتروني في حين يمكن تَتَبُع تفاصيل بعض هذه المعلومات في مصادر إعلام دولة الشركة الأجنبية التي تم التعاقد معها. كما جاء ضمن المسوغات ضخامة مبالغ العقود المبرمة مع بعض الشركات في مقابل تواضع ما سيتم تنفيذه من نسبة المنتج السكني, وطول زمن التنفيذ، وضرورة أن يتضمن تقرير الوزارة القادم الإشارة لهذه المعلومات للوقوف على مدى جدوى هذه التعاقدات وإسهامها في معالجة مشكلة الإسكان. وأضافت: سعياً لمحاولة حصر طبيعة التعاقدات التي أعلنت عنها الوزارة خلال آخر عامين تقريباً، نجد أنها تتمثل في ثلاث صور هي: تعاقد مباشر بين الوزارة وشركات تطوير عقاري محلية، وتعاقد مباشر بين الوزارة وشركات تطوير عقاري أجنبية، وموافقة الوزارة لعدد من شركات التطوير العقاري المحلية بالبيع على الخارطة. .......................................... إغفال وأوردت الدكتورة فاطمة القرني أن الوزارة تعمل على إنجاز ما يقارب 76 مشروعاً إسكانياً؛ ما بين وحدات سكنية متنوعة، وتطوير أراض سكنية؛ في عددٍ من مناطق ومحافظات المملكة، ويمكن إيجاز أبرز ما يلحظه المتابعون على تعاقدات الوزارة بكل تنويعاتها آنفة الذكر في إغفالها إلى حدٍّ كبير ذِكْرَ أسماء شركات التطوير العقاري المحلية أو الأجنبية التي تم التعاقد معها وآلية المفاضلة بينهما هل تمت عن طريق نظام المناقصات الحكومية أم لا؟!, وماذا عن التكلفة التفصيلية للمشاريع ونسب تحمل كل من أطراف التعاقد من تلك التكلفة؟!, وماذا أيضاً عن التحديد الدقيق لمواعيد البدء والانتهاء من تنفيذ تلك المشاريع ومن ثم تمكن المستفيدين من تسلم وحداتهم المقررة لهم؟!. .......................................... مساءلة ومضت الدكتورة فاطمة القرني في القول: الواقع أنني عندما تقدمت بتوصيتي وقصرتُها على تعاقد الوزارة مع الشركات الأجنبية كنت أؤمل من اللجنة أن تنتبه لتقصيرها هي في مساءلة الوزارة عن التعاقدات مع الشركات المحلية وأن تتم تغطية هذا الجانب من قبلها بتوصية مستقلة, وهذا ما لم يحدث, كما لم يتضمن لقاء اللجنة بمندوبي الوزارة العام الماضي أية التفاتة لهذا الجانب المهم. .......................................... حراك معاكس وقالت الدكتورة فاطمة القرني: كنت ولم أزل أؤمل أن نكون صوت المواطن والمتابع في الاستيضاح من الوزارة عن كثير من تبعات هذا الموضوع ولواحقه من مثل: – كيف تصر الوزارة في معظم تصريحاتها على كونها تعمل على «تطوير عمل شركات البناء العقارية» و»تجويد المنتج السكني» و»سرعة تنفيذ المشاريع الملحة» وخاصة تلك التي تستهدف ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة من المواطنين والمتابع لا يرى من حِراكها إلا ما يكاد يعاكس ويناقض كل هذا؟!. .......................................... عمل وسكن وتساءلت الدكتورة فاطمة القرني: كيف لها أن تتفق مع وزارة العمل عبر مذكرة «عمل وإسكان» على دعم مقاولي المشاريع وزيادة نسب التوطين في هذا القطاع «وهي في المقابل لا تفصح علناً عن أيٍّ من شركات التطوير العقاري مَرْضِيٌّ عنه وأيِّها مغضوبٌ عليه؟!. وماذا عن المستثمرين في هذا القطاع ضمن شركات صغرى أو متوسطة أو على المستوى الفردي: هل خسارتهم حتمٌ مقضي؟!... كيف لها أن تُحاسب هؤلاء على التقصير وهي تُغيِّب عنهم النموذج المثالي الذي تُحبِّذه وتُريد منهم أن يرتقوا بدرجة جودة منتجاتهم إليه؟!. – ثم ما هي ميزات الشركات الأجنبية التي تَمَّ تجاوز المحلية إليها بما في ذلك بعض الشركات التي تنتمي لإحدى الدول العربية والتي تسعى الوزارة للتعاقد معها رغم كونها لا تتميز بما يلفت في هذا المجال إلا إذا عددنا الكثافة السكانية وحوادث سقوط المباني المعمِّرة على رؤوس ساكنيها ميزةً تُذكر فَتُشكر وتُحْتَذى؟!. .......................................... تصريحات كثيرة!! وبينت الدكتورة فاطمة القرني أنه صدرت عن الوزارة خلال العامين الماضي والحالي تصريحات كثيرة، يؤكد أحدها أن ما تشرف عليه من مساكن لا يخدم سوى 25 % من مستحقي السكن, ويؤكد آخر أن برنامج القرض المعجل موجه لمن لديهم ملاءات مالية ممن لا يرغبون في الانتظار على قوائم الدعم الحكومي الإسكاني، ويشير ثالث إلى أن نظام البيع على الخارطة يهدف إلى توفير منتج إسكاني عالي الجودة فيما يؤكد مختصون أنه -بالنظر إلى تكاليف الإنشاء وقِيَم ومراحل التمليك فيه- لن ينتفع به إلاَّ ذوو الدخول المرتفعة من الراغبين في الحصول على سكن, حسناً, ماذا عن ال75 % أي النسبة الباقية من المحتاجين للسكن؟!!. .......................................... إيقاف الصرف!! – ماذا عن إيقاف الصرف من صندوق التنمية العقاري منذ مدة ليست بالهينة لمن وصلهم دور استحقاق الصرف، مرة بحجة إعادة هيكلة الصندوق, وأخرى بعلة تنظيم آلية لتحصيل المبالغ المتأخرة لدى المتخلفين عن السداد, وثالثة بتبرير يلخصه تعبيرٌ موجز قالت فيه الوزارة باقتضاب: (إن التأخير بسبب إجراءات إدارية) هكذا..؟!.. هذا هو المشهد حالياً، في حين أن الوزارة تؤكد اهتمامها بهذه النسبة وأنها تعمل على توفير مساكن مناسبة لها منخفضة التكاليف تجمع بين الجودة وسرعة الإنجاز؛ ومن هنا أجد أن حاجة الوزارة للتعاقد مع شركات أجنبية ضرورة ملحة, لأنها من خلال هذه الشركات ستبدأ في تجاوز آلية البناء التقليدية التي تستهلك مواد بناء باهظة التكاليف كما تستغرق زمناً طويلاً وتحتاج لعدد كبير من الأيدي العاملة، ولنا في إسكان المدن العسكرية وكذلك إسكان بعض الشركات الرائدة خير مثال على نجاح مثل هذه التعاقدات في تحقيق أهدافها في أوقات قياسية.. أقول هذا لكيلا يفهم من توصيتي أنني ضد التعاقد مع الشركات الأجنبية ؛ لا.. مطلقاً؛ بل أنا مع هذا التوجه من قبل الوزارة ؛ إلاَّ أن توصيتي تُطالب بكشف الغطاء عن أركان هذه التعاقدات وجدواها ومدى فاعليتها في حل مشكلة تَمَلُّك السكن التي يعانيها معظم المواطنين، وهي تهدف عبر هذا الإجراء أيضاً إلى تنشيط سوق العقار المحلي من خلال خلق مناخ تنافسي مسؤول لا يضيع فيه حق ولا تُعطل فيه مصلحة لا لمواطنٍ مستحق للسكن والسكينة، ولا لمستثمرٍ صغيرٍ مجتهد، ولا لكبيرٍ أيضاً مؤهلٍ للوفاء بما يَعِد..!! .......................................... جدول زمني وفي ذات الشأن طالب المجلس وزارة الإسكان بإعداد جدول زمني يوضح المتحقق من المستهدف الكمي في خطة التنمية العاشرة سنوياً، وتوضيح الالتزامات المالية التي ستترتب على مستحقي السكن لأي من منتجاتها. قاعدة معلومات كما دعا المجلس وزارة الإسكان للتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بإعداد قاعدة معلومات إسكانية ربع سنوية تكون متاحة للجميع لتشمل المبيعات، والأسعار، والشواغر، في قطاع الإسكان. وطالب المجلس الوزارة بإسناد تطوير الأراضي للمطورين العقاريين بالإضافة للتخطيط والبناء ضمن مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص في إطار مفهوم التطوير الشامل، مؤكداً على ضرورة أن تنجز الوزارة الهيكل التنظيمي، وهيكلة فروعها، ودليل السياسات والإجراءات المنظمة لعملها.