خصصت سلطات الاحتلال نحو 25 مليون دولار لإنفاقها خلال السنوات الخمس المقبلة عبر ما يسمى "صندوق المبكى" لإنجاز مشاريع تصب في تهويد المنطقة المحيطة بالأقصى، وتشمل تلك المشاريع حفريات وترميم لتطوير مسار النفق الغربي وحفريات أخرى بأقصى غرب ساحة البراق. أسيل جندي-القدسالمحتلة في سباق مع الزمن لطمس ما تبقى من معالم عربية إسلامية ومسيحية في القدس، أقرّت لجنة وزارية يرأسها وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون مؤخرا ميزانية قيمتها مئة مليون شيكل (25 مليون دولار أميركي)، لضخها خلال السنوات الخمس المقبلة في صندوق سمي "إرث المبكى". وتخصص هذه الميزانية لتنفيذ مشاريع بناء تهويدية حول المسجد الأقصى في منطقة البراق، واستكمال الحفريات والأنفاق أسفل المسجد، إضافة إلى تنفيذ فعاليات وأنشطة ثقافية تصب في مشروع تهويد محيط وأسفل المسجد الأقصى. وتأسس صندوق "إرث المبكى" عام 1988 وهو تابع لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل مباشر، وبدأت صلاحياته بإدارة وتشغيل النفق الغربي عام 2004، وأوكل له لاحقا مهمة تشغيل منطقة البراق وما حولها، بالإضافة إلى عدد من المهام التهويدية. ولا تقل ميزانية الصندوق السنوية عن 83 مليون شيكل (21 مليون دولار أميركي)، جزء منها تموله الحكومة الإسرائيلية، بينما يحصل الصندوق على جزء كبير من ميزانيته عن طريق تبرعات الجمعيات الصهيونية في العالم ومن الولاياتالمتحدة بشكل خاص، إضافة إلى أموال يتم جمعها عن طريق الزيارات والمسارات السياحية التهويدية التي تنظم على مدار العام. ووفقا للصحفي المختص في شؤون القدس والأقصى محمود أبو عطا فإن ما يسمى صندوق "إرث المبكى" يعدّ الذراع الحكومية لاحتلال وتهويد محيط وأسفل المسجد الأقصى، من خلال مشاريع ضخمة ذات دلائل تهويدية تلمودية تقوم على تزوير الموجودات الأثرية. ويشرف الصندوق حسب أبو عطا على مشاريع تهويدية كثيرة، منها استكمال بناء "بيت شتراوس" و"بيت الجوهر"، وهما قريبان من المسجد الأقصى، إضافة إلى أعمال حفريات وترميم لتطوير مسار النفق الغربي أسفل وبمحاذاة الجدار الغربي للمسجد، وحفريات أخرى في أقصى غرب ساحة البراق وربطها بمنطقة باب المغاربة الخارجي في سور القدس التاريخي. وتترافق هذه المشاريع مع العمل على مخطط شامل لتحسين شبكة المواصلات المؤدية إلى منطقة ساحة البراق، وإقامة مواقف سيارات قريبة فوق الأرض وأسفلها. وكانت مؤسسات الاحتلال ذات الاختصاص ومن ضمنها سلطة الآثار، اعترفت مرارا عبر تقاريرها الرسمية بأن أغلب الموجودات الأثرية التي اكتشفت خلال حفرياتها تعود للفترات الإسلامية والعربية المتعاقبة، وأخرى من الفترات الرومانية. وفي تعليقه على خطورة رصد ميزانية جديدة ضخمة لتهويد محيط الأقصى، أكد أبو عطا أن هذا يزيد من مجال السيطرة على المحيط القريب للأقصى، بهدف تحقيق اختراقات أسفل المسجد وانتظار لحظة الصفر للهجوم عليه من خلال هذه الأنفاق والحفريات. وأضاف أن هذه المشاريع التي تُبنى فوق الأرض وتحتها هدفها تكوين محيط يدّعي الاحتلال أنه سيشكل مرافق الهيكل المزعوم في حال بنائه على حساب الأقصى، بالإضافة إلى خطر تحويل كل المساحات المحيطة بالمسجد لكنس يهودية التي يصل عددها الآن إلى 103 كنس. من جانبه، قال وزير شؤون القدس عدنان الحسيني إن تهويد الأقصى وما حوله بدأ بعد أربعة أيام من احتلال المدينة عام 1967، عندما أقدمت سلطات الاحتلال على هدم حي المغاربة وطرد سكانه منه في منطقة حائط البراق الذي حرّف اسمه للمبكى، لتتوالى الهجمات التهويدية وتتصاعد بشكل ملحوظ مع مرور الوقت. وعن إمكانية توجه السلطة الفلسطينية للمنظمات الدولية لفضح الممارسات الإسرائيلية التهويدية في المدينة، أشار الحسيني إلى أن الحكومة الأردنية قبل مجيء السلطة توجهت للعديد من المنظمات وعلى رأسها اليونسكو، لكن أحدا لم يحرك ساكنا واستمرت إسرائيل في مشاريعها التهويدية دون الالتفات لأحد. وأوضح أن السلطة الفلسطينية طالبت منظمة اليونسكو عدة مرات بتنظيم زيارة لشبكة الأنفاق التهويدية تحت الأقصى، لكن إسرائيل لم تسمح للطواقم إلا بزيارة أماكن محددة وبشروط معينة، وأكد الحسيني أن "القضية معقدة والمنظمات الدولية مكبلة ونحن حاولنا منع وتأخير وتأجيل العديد من المشاريع التهويدية، لكن النتيجة أن إسرائيل تخطط وتنفذ كل ما تريده".