أكد اقتصاديون ومختصون في صناعة النقل الجوي أهمية تحرير قطاع الطيران المدني، ورجحوا ارتفاع حجم عوائد سوق النقل الجوي بشكل كبير. وبينما أكد الدكتور عبد الله دحلان محلل اقتصادي أن القطاع بمقدوره استيعاب أربع شركات طيران، إضافة إلى الخطوط الجوية السعودية الناقل الحكومي فإن الدكتور سعود الأحمد المختص في صناعة النقل الجوي، توقع نمو العوائد من قرابة 20 مليار ريال حاليا إلى نحو 50 مليار ريال بعد نقل مهمات ومسؤوليات الطيران المدني من وزارة الدفاع إلى هيئة الطيران المدني ”إذا أعطيت السوق حرية وشفافية”. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد أصدر السبت الماضي عددا من الأوامر الملكية قضت بتعديل اسم وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة لتصبح وزارة الدفاع، ونقل مهمات ومسؤوليات الطيران المدني من وزارة الدفاع إلى هيئة الطيران المدني، وينقل تبعا لذلك الموظفون العاملون في هذا المجال والممتلكات والوثائق والمخصصات والاعتمادات المالية، ويكون رئيس الهيئة العامة للطيران المدني رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، ويعاد تشكيل المجلس تبعاً لذلك، كذلك تنقل مهمات ومسؤوليات الطيران المدني من وزارة الدفاع إلى الهيئة العامة للطيران المدني، وينقل تبعاً لذلك الموظفون العاملون في هذا المجال والممتلكات والوثائق والمخصصات والاعتمادات المالية المتعلقة بذلك، وتشكل لجنة من وزارة الخدمة المدنية، ووزارة المالية، بالاشتراك مع وزارة الدفاع والهيئة العامة للطيران المدني لوضع خطة تنفيذية، والرفع بذلك في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخه. وبحسب الأمر الملكي فإن رئيس الهيئة العامة للطيران المدني يكون رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية ويعاد تشكيل المجلس تبعاً لذلك، وترتبط المؤسسة تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء، كما تقوم هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بالاشتراك مع الجهات ذات العلاقة بمراجعة الأنظمة والتنظيمات والأوامر والقرارات التي تأثرت بما ورد في البنود السابقة، واقتراح ما تراه في شأنها في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخه، تمهيداً لاستكمال الإجراءات النظامية اللازمة حيال ذلك. وأكد الدكتور دحلان أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الخاص بنقل مهمات ومسؤوليات الطيران المدني من وزارة الدفاع إلى هيئة الطيران المدني قرار حكيم وقرار استراتيجي لتطوير النقل الجوي في المملكة العربية السعودية، وقد طالبت بذلك من سنوات من منطلق أن النقل الجوي تطور منذ إنشائه حتى وصل إلى مرحلة يحتاج فيها إلى إعادة هيكله كاملة للنقل الجوي، وعلى وجه الخصوص الخطوط السعودية، مشيدا بتوحيد الإشراف في هيئة الطيران المدني الذي سيدعم خطط الناقل بما يتلاءم واحتياجات السوق والنقل. وأوضح بحسب تقرير أعدته الإقتصادية أن سوق الطيران في المملكة تستوعب أربع شركات طيران، اثنتان للطيران الخارجي والأخريان للطيران الداخلي لتغطية العجز في الخطوط السعودية، شريطة أن تغطي الشركات الجديدة بعض المناطق التي لم تصل لها الخطوط السعودية أو التي أوفقت النقل إليها نتيجة لخسارتها. وأكد أن السوق يستوعب العديد من شركات الطيران الصغيرة، وهناك محاولات صرف خلالها أكثر من أربعة مليارات ريال وخرجت احدى الشركات بخسارة ملياري ريال، وبقيت شركة واحدة، ”أخشى أن تخرج من السوق”. وتوقع رجل الأعمال والمحلل الاقتصادي إنشاء ثلاث شركات طيران سعودية جديدة برأس مال عشرة مليارات ريال، مؤكدا أن السيولة موجودة للاستثمارات، حيث إن الكثير من الأموال والفوائض في البنوك تبحث عن مشاريع ناجحة، وبالإمكان إنشاء تلك الشركات لدعم الخطوط السعودية وتدخل الخطوط السعودية كمساهم فيها لمواجهة الطلب الكبير، خاصة في ظل تزايد نسب المعتمرين في الموسم وكذلك ازدياد أعداد للحجيج كل عام ولا تستطيع الخطوط السعودية تغطية الاحتياج وبالإمكان توكيل جزء من المهمة لشركات الطيران الداخلي. وأضاف الخطوط السعودية تعاني منذ نحو عشر سنوات من خلل كبير جدا في مواءمة الطلب الكبير على النقل الجوي، المعروض أقل من الطلب، والمعروض لا يرقى إلى طموحات المتعاملين مع الخطوط السعودية، فمعاناة المواطنين كبيرة جدا، من حيث القصور في عدد الرحلات من بعض النقاط المهمة خارجيا، وداخليا على وجه الخصوص بين العاصمة الرياضوجدةالمدينة التجارية والمدينةالمنورة ومن بقية المدن لهذه المحطات الرئيسية. وزاد دحلان ”الخطوط السعودية لديها امتياز النقل الداخلي ولم تضع يدها مع خطوط النقل الخاصة التي أنشئت في السنوات الماضية والتي خرجت إحداها من الخدمة بخسارة تجاوزت ملياري ريال، ويبقى الشريك الآخر الذي أخشى أن يخرج إذا استمرت الخطوط السعودية بالمحافظة على نقل احتكارها للنقل الحكومي أو للنقل في داخل المدن أو نقل الحج في كل عام”. ويرى الدكتور دحلان أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى إعادة هيكلة وإلى التوجه الحقيقي للتخصيص من حيث الخدمة وليس بالضرورة تخصيص الخطوط السعودية 100 في المائة، ولكن تخصيص خدماتها أولا ثم إنشاء شركات نقل داخلي مساهمة مع الخطوط السعودية تستفيد من الإمكانات الموجودة لدى الخطوط السعودية التي تتضمن التجهيزات على الأرض والتجهيزات الخدمية سواء في الشحن أو موظفي النقل أو حتى موظفي حجز للخطوط، وتقدمها للشريك المساهم مع الخطوط السعودية، فلا مانع من ظهور أكثر من شركة تملك الخطوط السعودية فيها نسبة تراوح بين 40 و49 في المائة وتطرح للقطاع الخاص، وتشغل بخبرة المتخصصين في هذا المجال لخدمة النقل الداخلي وخدمة النقل الخارجي. ويتساءل ”ما خطط الهيئة وما المطلوب منها العمل عليه عاجلا لإعادة تأهيل الخطوط السعودية لتصل إلى المستوى المأمول”، قبل أن يؤكد أن كثيرا من الاقتصاديين والمراقبين والمسافرين يرون أن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة هيكلة كاملة ابتداء من القيادات العليا إلى القيادات التخطيطية لتصل الخطوط السعودية إلى مرحلة نستطيع معها أن ننافس خطوط الطيران الصغيرة التي دخلت الأسواق. وأردف ” لماذا لا يتم في المرحلة القادمة إنشاء شركات طيران للنقل السريع تشارك فيها الخطوط السعودية بحصص لتقديم الخدمة السريعة ولتنافس الخطوط السعودية الأم، مشيرا إلى أن الخطوط المصرية أنشأت مصر للطيران إكسبرس، وكذلك شركات طيران سويسرية وعالمية أخرى أنشأت شركات طيران صغيرة تسمى باسم الشركة الأم ولكنها إكسبرس، وقد حققت تلك الشركات السريعة نتائج اقتصادية أفضل من الشركات الأم، بهذه الشركات الصغيرة نستطيع أن نخدم جميع مناطق المملكة، حيث هناك مناطق في المملكة حركة النقل الجوي لها غير اقتصادية من خلال الطائرات الكبيرة، لكنها قد تكون اقتصادية من خلال الطائرات الصغيرة التي تسهم في تقديم الخدمة كبعد اجتماعي تقدمه الدولة من خلال الخطوط السعودية لجميع المواطنين في أنحاء المملكة، وأيضا كبعد اقتصادي تقدمه الخطوط السعودية من خلال الشركات الشقيقة التي ستنشأ. من جهته، قال ل ”الاقتصادية” الدكتور سعد الأحمد المتخصص في صناعة النقل الجوي: ”إن حجم الاستثمارات السعودية حاليا في قطاع صناعة النقل الجوي لا يتجاوز 200 مليون ريال، بينما عوائد صناعة النقل الجوي في السعودية السنوية تتجاوز 20 مليار ريال, نظرا لأن صناعة النقل الجوي في المملكة شبه محتكرة”. ويذهب إلى حد التأكيد أن القرارات الملكية الخاصة بهيئة الطيران المدني ستضاعف حجم سوق صناعة الطيران في المملكة إلى 50 مليارا في غضون سنوات ”إذا أعطيت السوق حرية وشفافية” بدلا من نحو 20 مليار ريال حاليا”. ويقول الأحمد ”حاليا هناك رساميل سعودية ترغب في العمل بقوة خاصة في مجال شركات الطيران التي تخدم المناطق الصغيرة وتقوم برحلات بين تلك المناطق بطائرات بسعة مقعدية أقل، وذلك سيوفر نحو ألف وظيفة للطيران وثلاثة آلاف وظيفة للإسناد. ويضيف أن تحرير قطاع النقل الجوي وفصله عن هيئة الدفاع الجوي سيجذب العديد من الرساميل السعودية والأجنبية إلى صناعة النقل الجوي سواء بالاستثمار في المطارات والتشغيل بنظام البناء والتشغيل POT أو إنشاء خطوط جوية جديدة أو الاستثمار في القطاعات الثانوية كالشحن الجوي والإسناد والمناولة الأرضية والأسواق الحرة في المطارات وهذا لا يتسنى إلا بمظلة تشريعية سريعة كما يحدث حاليا في إمارة دبي. وأشار إلى أن المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين تنتهج سياسة اقتصادية فاعلة، منها تحرير قطاعات الخدمات ونجاح تلك القطاعات إذا تحولت إلى شركات يعتمد على عوامل أهمها المظلة التشريعية لها، وذلك سيعطي قطاع صناعة النقل الجوي حرية ومرونة وشفافية كما هي عليه مؤسسات صناعة النقل الجوي في العالم المتقدم، مشيرا إلى أن النقل الجوي في أغلبية دول العالم يعمل تحت مظلة وزارة النقل والمواصلات، فهيئة الطيران الفيدرالية الامريكية FAA في الولاياتالمتحدة -وهي أكبر سوق للنقل الجوي في العالم – تعمل تحت مظلة وزارة المواصلات الأمريكية. من جانبه أوضخ طلعت حافظ المستشار الاقتصادي أن الأمر الملكي بنقل كل ما يتعلق بشؤون الطيران المدني إلى الهيئة العامة للطيران وفصل ذلك عن وزارة الدفاع قرارا في غاية الأهمية، ولا سيما أن ذلك سيحقق عددا من الأهداف، منها تركيز وزارة الدفاع على ما يتعلق بشؤون الدفاع عن الوطن، كما أن التركيز فيما يتعلق بشؤون الطيران في جهة متخصصة وهي الهيئة العامة للطيران المدني وجعل مرجعها المقام السامي سيعطي أهمية اقتصادية وإدارية كبيرة لهذا القطاع الذي يتوقع منه أن يحقق نهضة كبيرة تبعا لهذا القرار، خاصة في بلد مثل المملكة العربية السعودية مترامية الأطراف بحاجة إلى هيئة تتبع سلطة عليا في المملكة العربية السعودية لتوفير الدعم الكافي لها سواء الدعم المالي أم اللوجستي لتنهض بمسؤولياتها المنوطة بها على الوجه المطلوب في بلد شبه قارة مترامي الأطراف ولديه زخم كبير من عدد المسافرين سواء من داخل المملكة أو خارجها، في ظل التوقعات أن يصل عدد المسافرين خلال السنوات القليلة القادمة في المملكة العربية السعودية إلى نحو 27 مليون مسافر، ما يحتم إعطاء هذا الجهاز التركيز الذي يستحقه، وأن تسند مرجعيته إلى أعلى سلطة إدارية في المملكة وهي المقام السامي الكريم. وأضاف ”تبعا للقرار الملكي الكريم أن يعاد النظر في تشكيل اللجان والمجالس والإدارة التابعة للهيئة كمجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية وخلاف ذلك، وبالتالي نتوقع وفقا للحركة الدؤوبة والكبيرة التي تشهدها جميع مطارات المملكة العربية السعودية ال 26 أن يعاد التنظيم والتشكيل سواء للمجالس أو اللجان التابعة للهيئة العامة للطيران المدني بما يحقق الطموحات والتطلعات الرامية إلى تنمية هذا القطاع المهم في بلادنا، كما يتطلب الأمر استحداث شركات عالمية على شاكلة الخطوط الجوية العربية السعودية تمتلكها شركات مساهمة، وجزئية منها تمتلكها الحكومة بغرض النهوض بهذا القطاع، حيث لا يمكن في ظل العدد المتنامي للمسافرين سواء من داخل المملكة إلى الخارج أو العكس أن تكون لدينا شركة واحدة عملاقة مثل الخطوط الجوية العربية السعودية، ولا بد من دعم الشركة بشركات أخري وتحرير القطاع بما يتوافق مع احتياجات ومتطلبات المملكة العربية السعودية في مجال النقل الجوي. تبعا لذلك نتوقع أن نشهد شركات جديدة تدخل إلى السوق السعودي قريبا برؤوس أموال كبيرة وبخبرات عظيمة سواء من ناحية الأسطول الجوي الذي تتكون منه أو من الموارد والكوادر البشرية من طيارين وفنيين وخلافهن ولا سيما أن المملكة وجهة وقبلة العالم الإسلامي أجمع، ويأتي إليها ملايين من المسافرين من جميع أنحاء العالم سواء في موسم العمرة على مدار العام أو للحج مما يتطلب إيحاد أكثر من خطوط تكون منافس للخطوط الجوية العربية السعودية مما سينعكس إيجابا على تلبية الطلب المتنامي على النقل الجوي، وفي الوقت ذاته سيحقق المنافسة الشريفة العادلة التي ستجعل من جميع من يعمل في النقل الجوي أن يكون على مستوى هذه المنافسة مما يعود بالنفع على الوطن وعلى المواطن. وتوقع أن تضخ استثمارات كبيرة بمليارات الريالات لكون قطاع النقل الجوي مكلف ويتطلب استثمارات سواء من حيث البنية التحتية أو البنية الفوقية بما في ذلك الاستثمار في أسطول الطائرات والكوادر البشرية والمطارات وخلافه وبالتالي نتوقع أن تضخ الأموال في قطاع صناعة النقل الجوي والتي ستنعكس بشكل إيجابي وستكون فرصة كبيرة لتشغيل إعداد كبيرة من أبناء الوطن على مستوى الخدمة الجوية التي ستقدمها الشركة المفترض دخولها إلى السوق أو في قطاع الخدمات الأرضية التي تقدم في المطارات السعودية، ودخول شركات وطنية جديدة إلى سوق النقل الجوي وستطول جميع شرايين الاقتصاد السعودي بما في ذلك أبناء الوطن من خلال خلق وظائف جديدة لهم وذلك سينعكس على انخفاض معدلات البطالة والقضاء عليها.