أكد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين ل"العربية.نت" أن قرار العاهل السعودي، الذي صدر قبل ساعات بفصل هيئة الطيران المدني عن وزارة الدفاع بعد تغيير مسمى الأخيرة، سيساهم في تسريع تطوير النقل الجوي في السعودية والتغلب على عقباته. وأضاف البوعينين أنه في الوقت الحالي بالذات فإن الطيران المدني، وبخاصة الشركات الناقلة، تعتمد على الإدارات العسكرية والمدنية، وإذا ما أردنا لقطاع الطيران المدني أن يتطور ويكون منافساً فيجب أن يدار بأسلوب مدني. وشمل قرار العاهل السعودي تعيين الأمير فهد بن عبدالله رئيساً لهيئة الطيران المدني. وتعيين الدكتور خالد الصقير نائباً لرئيس الهيئة العامة للطيران المدني. وأشار البوعينين إلى أن الكفاءة والربحية اللتان تحققهما الشركات المنافسة، تعتمد بالدرجة الأولى على الإدارة المدنية، مستشهداً بأن الناجح منها استطاع خلال خمس سنوات فقط، وبالفكر الإداري المدني، تصدر قائمة الأفضلية في شركات الطيران العالمية. وربط البوعينين بين ما يعانيه النقل الجوي وشركاته العاملة في السعودية، وبين العديد من المعوقات التي تحول دون إحداث التغيير الأمثل، بحسب تعبيره، ومن أبرز تلك المعوقات غياب الإدارة المدنية الفاعلة. وقال البوعينين: "المتطلبات والمستجدات العالمية على قطاع النقل الجوي تجعلني أجزم بأن هذا القرار سيصب في مصلحة الطيران المدني الذي يعاني منذ زمن من مشكلات، أبرزها عدم تفعيل الإدارة المدنية". وأضاف: "إذا أردنا تطوير الخطوط السعودية مثلاً فلا بد بحسب القرار إيجاد هيكل تنظيمي وفكر إداري، وأجزم أيضاً أن هذا القرار في الوقت الحالي وفي الجانب التنظيمي سيحل 50% من العقبات، وتتبقى 50% تحتاج الفكر الإداري". وتوقع البوعينين أن يتيح القرار الجديد ظهور عدد من الشركات الجديدة والتي ستريح كلها في وجود إدارة مدنية فاعلة، بل وستكون هناك عدالة في ما يتعلق بالمنافسة بين الشركات، وستصبح متساوية أمام الإدارة الجديدة". وأكد أن "الإيجابيات ستكون أكثر، وستساعد أيضاً في تطوير المطارات السعودية وخصصتها، إذ إنه من المستغرب أن تكون هناك مطارات خليجية أقل من إمكانيات مطاراتنا، وتحقق تشغيلاً عالياً وأرباحاً مجزية". لا أعذار من جهة ثانية، قال عضو مجلس الشورى والكاتب الاقتصادي د. فهد حمود العنزي إن "القرار يعني إعطاء استقلالية أكبر للجهتين، كما سينعكس على هيكلة إدارية ستؤتي ثمارها في أداء الهيئة". وأضاف العنزي أن "ارتباط الهيئة بالوزارة ربما كان مجديا في فترة من الفترات، لكن المرحلة الآن تستدعي أن تكون الهيئة مؤسسة مستقلة وهو ما يعني تفرغ الهيئة لتقوم بدورأكمل في رعاية الطيران المدني". واعتبر أن القرار أيضا سيمنح وزارة الدفاع تفرغا من نوعا ما هي تحتاجه لكثرة مسؤولياتها وبالتالي ستكون أكثر تركيزا على تخصصها ، مضيفا " أتوقع أن يكون التحسن على أكثر من صعيد متى ما أستخدمت الهيئة الصلاحيات التي سيحتمها الوضع الجديد لها، وهي الآن باستطاعتها أن تنظيم كل ما يخص الطيران المدني بما في ذلك شركات القطاع الخاص والطيران الأجنبي والمطارات وبالتالي تنظيم أوسع وأدق بين الناقل والمستفيد". وأضاف أنه "الآن أنه ما من أعذار أمام الهيئة فهي مستقلة وصلاحياتها واسعة، وعليها تحسين الصورة وإعادة تنظيم سوق النقل الجوي المدني ووضع التشريعات وتنظيم العلاقة وترتيب كل الأمور". ظروف المرحلة تستوجب الفصل من جهة ثالثة، قال الاقتصادي والخبير د. إحسان بو حليقة إن ظروف المرحلة الجديد تؤيد قرار الفصل خصوصا في ظل كون سوق النقل الداخلي في غاية الأهمية بالاضافة لاحتدام المنافسة التي تصل هي أيضا لمرحلة جديدة تحتم تقديم منتج يتميز بالوفرة والجودة. وأضاف "يجب ألا ينظر للفصل على أنه حل سحري بل هو دعم إضافي من الدولة لتنشيط هذا القطاع الحيوي المهم"، مشيرا إلى أن هيئة الطيران المدني أساسا كانت قد بدأت حلحلة مهمة ومرت بمرحلة انتقالية نحو التطوير". وتمنى أن يؤدي القرار لدفع الهيئة نحو نظرة اقتصادية تدفع لتحقيق التطلعات خصوصا المستهلك النهائي"، مؤكدا أن الهيئة "بالفعل تواجه تحديات صعبة، ولابد من ترتيب الأولويات وتحدد أهمية التعاطي مع الأمر وصولا إلى الخصخصة في مرحلة قادمة". انتقادات ل"الناقل الوطني" ويواجه قطاع الطيران المدني والنقل الجوي الداخلي موجة كبيرة ومستمرة من الانتقادات لخدماته، طالت الناقل الوطني، وكذلك القطاع الخاص، الذي تقلص ليتمثل في شركة وحيدة. يذكر أن بداية الطيران المدني في المملكة تعود إلى عام 1934، عندما قامت إحدى شركات البترول، والتي أصبحت في ما بعد جزءاً من شركة أرامكو، بتشييد مهبط صحراوي بالقرب من مدينة الجبيل. وكان حصول المملكة على أول طائرة مدنية في عام 1364ه، وقد كانت من طراز (دي سى 3 داكوتا)، وأضيفت إليها في ما بعد طائرتان من نفس الطراز، وصدر أول نظام للطيران المدني في المملكة عام 1372ه. وكانت إدارة الطيران المدني، عند انفصالها عن سلاح الطيران الملكي السعودي، تضم الخطوط الجوية العربية السعودية والأرصاد الجوية، إلى أن تم فصل الخطوط السعودية عن الطيران المدني في عام 1379ه، والتي تحولت في عام 1383ه إلى مؤسسة عامة مستقلة. وفى عام 1386ه تم فصل الأرصاد الجوية عن مصلحة الطيران المدني، وأصبحت ميزانيتها مستقلة، وفي عام 1397ه تم تعديل مسمى مصلحة الطيران المدني إلى رئاسة الطيران المدني. وحققت المملكة خلال هذه السنوات نمواً قياسياً وقفزات نوعية في مجال صناعة الطيران المدني، شملت تطورات هائلة في نقل المسافرين والشحن الجوى وبناء المطارات وتجهيزاتها والملاحة والمراقبة الجوية.