رجل محبوس يرتدي بدلة برتقالية اللون تلتهمه النيران في قفص يحيط به ما يبدو مسلحين ملثمين. هذا المشهد يعود إلى مقطع فيديو نشره تنظيم "الدولة الإسلامية" على شبكة الإنترنت يزعم أنه لعملية إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا. وانتشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مساء يوم الثلاثاء 3 فبراير/شباط بعد بثه على حساب بموقع تويتر يستخدمه التنظيم في نشر أخباره. وذكر التلفزيون الأردني الرسمي أن الكساسبة قتل منذ شهر تقريبا، وبالتحديد يوم 3 يناير/كانون الثاني 2015. ونقلت وكالة رويترز عن أحد أفراد عائلة الكساسبة قوله إن "الجيش الأردني أبلغ عائلة الكساسبة بمقتل ابنهم"، وكان الكساسبة قد سقط في قبضة تنظيم الدولة الإسلامية بعد سقوط طائرته قرب مدينة الرقة بسوريا في 24 ديسمبر / كانون الأول الماضي خلال غارة جوية للتحالف الدولي الذي يحارب التنظيم المتشدد. وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت استعدادها للإفراج عن السجينة العراقية ساجدة الريشاوي مقابل إطلاق سراح الكساسبة، ويظهر في نهاية مقطع الفيديو أسماء أكثر من عشرة طيارين عسكرين أردنيين يحرض التنظيم أتباعه على قتلهم مقابل جائزة قدرها 100 دينار من الذهب لرأس كل منهم. كما يظهر في شريط الفيديو عنواين منازل الطيارين، ومعلومات إضافية، مثل أين كل منهم يقضي عطلته. فما الذي يفسر الطريقة التي اختارها التنظيم في اعدام الطيار الأردني؟ ولماذا يحرص التنظيم على تصوير عمليات إعدام الرهائن ويتفنن فيها، ولماذا اعتمد هذا الأسلوب في إعدام الطيار الأردني، بعد أن عودنا على قطع رؤوس الرهائن في العمليات السابقة؟ يعتقد المحللون أن تنظيم الدولية الإسلامية في العراق والشام يعتمد أسلوب المغول والتتار في إرهاب الأعداء عن طريق إظهار مقاتليه بالمتوحشين الذين لا يترددون في البطش بأعدائهم دون أية رحمة، وذلك بهدف بث الرعب في الطرف الآخر والتأثير على الروح المعنوية لمقاتليه. ويبدو أن الرسالة هذه المرة لم تكن موجهة للغرب بشكل أساسي، بل حاول التنظيم أن يوجه رسالته إلى الدول العربية المشاركة في الحرب على داعش من خلال القول بأن هذا سيكون مصير كل مقاتل سيقع بين يدي التنظيم. وإذا ما قارنا طريقة إعدام الرهائن من غير العرب مع الطريقة التي أعدم بها داعش الطيار الأردني، نجد أن التنظيم حرص في هذه المرة على تصوير العملية بأكملها وبطريقة سينمائية تظهر احترافية عالية من حيث التصوير والإخراج والمؤثرات، في حين كان داعش يكتفي بتصوير منفذ عملية الإعدام وهو يهدد ويتوعد، قبل أن ينشر صورة الرهينة بعد قطع رأسه، ولم نشاهد أية عملية كاملة لإعدام أحد الرهائن الأمريكيين أو البريطانيين أو اليابانيين. وتشير عملية إعدام الطيار الأردني إلى أنها لم تكن وليدة اللحظة، ومن المرجح أنها لم تنفذ بعد انتهاء المهلة التي منحها داعش للحكومة الأردنية، بل تم التخطيط لها وتنفيذها وتصويرها وإعدادها للبث في وقت سابق، أي أن إطلاق سراح المعتقلين الذين طالب بهم داعش لم يكن ليحرر الطيار الأردني، وهذا ما أكد عليه رفض داعش طوال عملية المفاوضات مع الحكومة الأردنية تقديم دليل على أن الطيار لا يزال على قيد الحياة. ومن الواضح أن داعش ماض في طريق الترويع والقتل الوحشي في محاولة لتكريس فكره بالبطش والقتل، بانتظار رد المجتمع الدولي الذي لم يتجاوب حتى الآن بشكل فعال مع جرائم التنظيم.