✒ إن التفاؤل وشروقُ الأمل هو العنوان لبعضِ التجاربِ التي تحدثُ في حياةِ الإنسان وتكونُ هي مصدرُ الإلهامِ له حتى يستطيع أن يتخطى بعضَ الصِعاب ويجددُ أمله من أجلِ البقاءِ في الحياة من جديد وذلكَ بأمرِ الله تعالى وإيماناً وثِقَةً به عزوجل. فالإنسانُ في حياته مغمورٌ بنعمةٍ عظيمة قد لايشعرُ بمعناها الحقيقي إلا حينما يفتقِدُها وتذهبُ سُدىً في مهبِّ رياحِ الألمِ والمرضِ والوجعْ وهي نعمةُ "الصحة " حيثُ قال صلى الله عليه وسلم فيها (( نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحةُ والفراغ)) ولكن من يفقتدُ تلك النعمةَ ويتعايشُ مع واقعِ المرضِ والألم فإن البلسمُ لمعاناته هو الإيمانُ التام بِقدرةِ الله عزوجل بأنّه لا بلاءاً سيقع إلا وبعدَهُ عافيةٌ وأجر بإذن الله . وعندما يمرّ بك أمرٌ صعبٌ وتعيشُ في نفقِ الألم بقصةٍ ترويها من وحي واقعك وتشعرُ بحجمِ معاناتها عن قُربٍ وعن كثب مُتطلعاً دائماً بأنك سترى نوراً يَشِعُ في نهاية ذلك النفق في يومٍ ما . ولكن الأصعبُ من ذلك أن أعيش هذا الألم مع إنسانةٍ أنا وهي نتقاسمُ َ معاً جميعَ نواحي الحياة بحلوها ومُرّها تترنمُ معي بضحكاتهِا وسعادتهِا وروحهِا الجميلة ونظرتهِا المُشرقةِ للحياة دوماً بأنها حديقة غنّاء تعيشُ بها ولاترضى أبداً أن تعيشَ بسوداويةً تغمرُ بها ذاتها لأن الحياةِ لها معنىً لديها . وتبدأُ تفاصيلُ تلكَ القصة منذُ وقتٍ قريب من هذه السنة وبعد أن حانَ أمرُ الله تعالى وشاءت قدرته بأن تُصابَ "شقيقتي" بمرضٍ أراه من وجهة نظري بأنه مرضٌ يصنعُ روح الأملِ والتفاؤلِ في صاحبه وتتجددُ بهِ همتهِ ويكسرُ حاجزَ اليأس بعزيمتهِ وهو " مرض سرطانُ الثدي " وعندما علمتُ منها بإصابتها فيه كان واقعُ الخبر علي أنا وعائلتي من الصعبِ وصفه في لحظتها ومدى حجم المعاناة بتقبله وكيف كان حال شقيقتي وهي تُحدثني عن إصابتها به وكانت عبراتها تختفي وتعود بالرُغم من إيمانها بأن قدرُ الله هو الأجمل ولكن كان وقوع الأمر عليّ مؤلماً بدأتُ أتحدث معها قليلاُ من أجل أن أهون عليها حقيقة الأمر وذلك بأنني على يقين تام بالله تعالى وأن ماأصابك هو نعمة من الله وأنه سينمحك شفاءاً عاجلاً بإذن الله وكل أمرٍ من الله لعباده هو خير. وفي ذلك الوقت شعرتُ بأن قوتي قد ارتخت لمجرد سماعي بهذا الخبر عن هذا المرض بالرُغم من معرفتي بالتطور الطبي والتقنية الحديثه في علاجه ولله الحمد ولكن هذا الشعور الذي انتابني لحظتها هو أني سأفقدُ ذلك الشخص العزيز علي في يوم ما بسبب مرض السرطان مما تسبب في ضعفي وقتها .. كن راضياً وكأنك تملك كل شي فما يكتبه الله لنا ألطفُ مما نشاء. وفي تلك اللحظة يبعثُ الله لكَ شخصاً أشبه بالملاك وحمامةُ السلام ليشحنُ من همتك ويهونُّ عليك صِعاب الأمر وكأنه يُسقيكَ من ماءَ السلسبيل ليُهدأُ من روعكْ ويُسكنُ من خوفك بعمقِ عباراته ونبعُ حديثه الصافي الذي بدأ في تغيير تلك النظرة المحزنة وتلاشي الأسى بسرعة كالبرق وبث روح الأمل والتفاؤل ليصلَ بك إلى ذلك الرسوخ واليقين بالله تعالى وبأن شفاء شقيقتي سيكون بأمر الله تعالى عندها استجمعَتُ قواي وتمالكتُ نفسي من أجل شقيقتي وبدأتُ أتعايشُ مع تلك الصدمة براحة وتأمل بقدرة الله عزوجل على كل شي وأن وجود مثل هؤلاءِ في حياتك وقربهم منك ماهو إلا سعادة حقيقية تنعمُ بها لتتجنب تلك المحن . لن أُطيل كثيراً في سرد تلكَ القصةِ المُلهمة ..فقد حانت ساعة الإستجابةِ من الله في ذلك اليوم والذي تُخبرني فيه شقيقتي بأن تشخيص الأطباء لها بأن المرض بسيطٌ جداً وأنه في بدايته ولله الحمد ولن يستغرق مدة علاجه أكثر من ثلاث شهور ولله الحمد بدءاً بإزالة الورم ومن ثمّ جلسات التصوير الإشعاعي ليتم إزالة أثاره نهائياً ولايتطلب ذلك استئصالاً للثدي وهنا كانت الفرحةُ مختلفةً جداً واختلطتْ المشاعر مع بعضها وأصبحَ الأملُ والتفاؤل هو المرسى الذي تتجاوزُ به تلك الصعاب مرددةً دائماً لقول الله تعالى ((وإذا مرضتُ فهو يشفين )) . واليوم هاهي شقيقتي تعيشُ ولله الحمد في مراحلَ العلاج الأخيره بكل عزيمةٍ وإرادة وروحٍ معنويةٍ عالية وثقةً بقدرة الله عزوجل في شفائها التام وبقدرتها الإيمانية في أن تتجاوز تلك المرحلة من عمرها تحدياً لهذا المرض بكل أملٍ ونجاح وتعيشُ حياتها الطبيعية وتسعى لتحقيق نجحاتها المستقبلية بكل عزيمة وطموح . لذلك يجب على كل فردٍ منا أن لا يغتر بصحته و أن يكون دائماً يحسن الظن بالله في كل أمور حياته وأن ماأصاب غيرك سيأتي إليك يوماً ما ولكن قاوم ذلك بتوكلك على الله . فإليك أيها القارى تلك المقولة التي أعجبتني ونقلتها لكم : ((قليلٌ من الأمل وكثيرٌ من الدعاء تستمرُ لك الحياة)) * دعاءٌ وشفاء: اللهم أنت الشافي لاشفاء إلا شفاؤك شفاءاً لايغادرُ سقماً اسألك بأن تشفي كل مريضٍ انهكه المرض ويئنّ من الألم والوجع وأن تُسقي عروقه بالصحة والعافية وتجعلُ ما أصابه أجراً وسلامةً له اللهم آمين ..