قادت شعرة دقيقة على سلاح الجريمة إلى كشف غموض مقتل جندي متقاعد في منزله في حي الربوة الشعبي البارحة الأولى. وكانت سلطات الأمن عثرت على أداة الجريمة في دورة مياه منزل الجندي الراحل الذي فارق الحياة بأكثر من 26 طعنة قاتلة سددها الجاني (20 عاما) إلى جسد خصمه. وضع المحققون في شرطة الصفا وحدة مكافحة جرائم الإعتداء على النفس في البحث الجنائي أكثر من فرضية للوصول إلى المتهم الهارب ومنها دوافع السرقة والانتقام، كما عكفوا على جمع معلومات تفصيلية عن محيط علاقات الراحل وخصوماته ودوائر صداقاته، فضلا عن تركيز العمل الأمني في تعقب آخر زائر لشقة الموت، إلى جانب تمشيط مسرح الجريمة وصولا لأية قرائن أو دلائل تشير إلى هوية القاتل الغامض. واستخدم خبراء الأدلة الجنائية مهاراتهم في معاينة مسرح الجريمة ونجح فريق مختص في جمع دلائل مادية مهمة من بينها سكين ملطخة بالدماء أخفاها المتهم في دورة المياه فتم إخضاع الأداة للفحص والتحليل المخبري الدقيق، حيث تطابق حجم مقدمة النصل مع الجروح والطعنات على جسد القتيل، كما عثر الخبراء على آثار أقدام دامية في المكان. وعززت الشبهات وجود شعرة دقيقة على يد القتيل ليتم تحليلها في ذات الوقت واتضح أنها تعود للمتهم الفار. تواصلت عمليات البحث والتمشيط وجرى رفع بعض الموجودات من الشقة، كما بحث المحققون كيفية توغل المتهم إلى مسرح الجريمة، إذ تبين من التحريات عدم وجود أية آثار عدوان أو اقتحام على المنفذ الوحيد للشقة ما رجح دخول المتهم إلى المنزل عبر الباب، وهو الأمر الذي عزز وجود علاقة ومعرفة بين الجاني وضحيته، غير أن وجود آثار عبث وتفتيش في أرجاء مسرح الجريمة أعادت فرضية السرقة إلى السطح، لكن المحققين لم يتوقفوا كثيرا أمام الفرضية وواصلوا تحرياتهم الدقيقة قبل أن يوقعوا بالقاتل. وطبقا للمتحدث الرسمي المكلف في شرطة جدة الملازم أول نواف البوق، فإن السلطات الأمنية حددت الاشتباه في رجل فلسطيني ربطته علاقة بالقتيل، وأكدت المعلومات الواردة أن المشتبه كان مع الراحل قبل ساعات من مقتله ثم توارى عن الأنظار بعد الجريمة فعمل رجال البحث والتحري في شرطة جدة على تعقبه في كل الأماكن وتوصلوا إليه في وقت قصير، غير أنه أنكر علاقته بالجريمة في بادئ الأمر، لكن الدلائل والقرائن وآثار البصمات والشعرة الدقيقة دفعته إلى التراجع فأقر بالإجهاز على خصمه بأكثر من 26 طعنة قاتلة. وأفاد المتهم في الاستجواب أن خلافا اندلع بينهما فاضطر إلى الدفاع عن نفسه فسارع بنحره وتسديد الطعنات إليه قبل أن يهرب من مسرح جريمته. وذكر المتهم في الاستجواب أنه لم يعرف عدد الطعنات التي سددها إلى جسد خصمه بسبب الحالة العصبية التي اعترته لحظة تنفيذ الجريمة. إلى ذلك، ذكر مصدر في شرطة جدة أن طريقة ومنهج الجريمة وعدد الطعنات تشير إلى الروح العدائية للمتهم الذي أجهز على خصمه ثم عمل على تفتيش منزله قبل فراره. وكان قد تم نشر تفاصيل الجريمة، ويعود السيناريو إلى تغيب القتيل عن منزل والده فبحث عنه طويلا قبل أن يعثر على جثته وسط بركة من الدماء. تابع مجريات التحقيق والملاحقة الأمنية مدير شرطة جدة اللواء علي الغامدي ومساعده للأمن الجنائي ومدير التحقيقات الجنائية.