يشهد الشهر الجاري الذكرى الخمسين لانطلاق أول شعاع ليزر، والآن بعد خمسين عاما يستطيع الليزر أن يولد درجات حرارة وضغط تشبه تلك التي تولدها الشمس. إن الليزر*اختصار يعني تضخيم الضوء بانبعاث الإشعاع المحفز* شعاع ضوئي متماسك أحادي اللون، لا يحدث بشكل طبيعي. ووضع الفيزيائي الألماني المولد أليؤت أينشتاين الأساس النظري له عام 1917. واليوم تقطع أشعة الليزر طبقات الحديد الكثيفة وتكشف أدق تفاصيل الخلية الواحدة. لقد تمكنت وزارة الطاقة الأمريكية العام الماضي من إنتاج أضخم شعاع ليزر في مختبر لورنس ليفر مور الوطني بكاليفورنيا. ويتكون شعاع الليزر الذي أمكن إنتاجه من 192 شعاع ليزر فردي* يطلق عليه اختصارا *إن آي إف، وهو جهاز بحثي يستخدم في القيام بعمليات صهر محصورة النطاق باستخدام الليزر* سيتم تركيزهم على جسم كروي مجوف من البريليوم في حجم حبة الفلفل، أملا في أن يتمكن الشعاع المجمع من ضغط الوقود داخل كرة البريليوم تلك *مزيج من نظائر الدوتيريوم (هيدروجين ثقيل) والتيتانيوم*ما قد يولد درجات حرارة هائلة وضغط وكثافة من شأنها صهر نواة الهيدروجين وتحويلها لنواة هيليوم، كما يحدث على سطح الشمس والنجوم الأخرى. وقد أثبتت التجارب الأولية نجاحا، دون استخدام الوقود. ويرى العلماء أن الصهر المحكوم للذرات سيكون مصدرا ثوريا للطاقة الآمنة دون إنتاج لعادم ثاني أكسيد الكربون. إن جهاز "إن آي إف" هو آخر طفرة أمكن التوصل إليها في مجال استخدامات الليزر المذهلة. فعندما تم عرض أول شعاع ليزر في كاليفورنيا في 16 مايو عام 1960، أثار ذعر الكثيرين وقالوا عنه إنه "حل يبحث عن مشكلة" كان ضوء الليزر يبدو كشيء خارق، غير أنه لا يوجد أحد يعرف ما الذي يمكن فعله به. ومنذ ذلك الحين أصبح الليزر أداة وصناعة علمية عالمية تدخل في الوقت نفسه في مختلف نشاطات الحياة. يقول إيكهارد باير مدير معهد فراونهوفر لتكنولوجيا المادة ومقره دريسدن بألمانيا:" يمكنك فعل أي شيء بأشعة الليزر..عليك فقط أن تعرف كيف". إن أشعة الليزر يمكنها أن تقطع المعادن التي تدخل في صناعة السيارات والطائرات، بدقة مذهلة، يمكنها أيضا لحام مواد لا يمكن الربط بينها، يمكنها أيضا نقل المحادثات الهاتفية وبيانات الإنترنت وقراءة أقراص الحاسب الصلبة والشفرات الخطية (باركود) على المنتجات في المتاجر، وكذا يمكنه تدمير الأورام وضبط قرنية العين. ويعكف العلماء أيضا على تكوين سحب ممطرة واستثارة البرق وتحريف مساره و"تصوير" التفاعلات الكيميائية، باستخدام الليزر. وتتمثل الخاصية الأساسية التي يتمتع بها الليزر في التماسك *تماسك شعاع الضوء *بمعنى أن فوتوناته لها نفس الطول الموجي والاتجاه والدرجة اللونية. وقال فولفجانج ساندنير رئيس الجمعية الفيزيائية الألمانية "إنه شيء لا يظهر في الطبيعة بنفسه.. أغلفة جوية كوكبية محدودة وسحب غازية بين النجوم في الفضاء الخارجي هي التي ثبت أنها تنتج شيئا شبيها بظاهرة الليزر.. أما بخلاف ذلك (يمكن القول) إن الانسان تمكن من إنتاج خاصية جديدة تماما للضوء باستخدام الليزر".