استخدمت الشرطة الكويتية الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت يوم الأحد لتفريق عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين كانوا يحتجون على التغييرات التي أدخلت على قانون الانتخابات والتي وصفتها المعارضة بأنها انقلاب على الدستور من قبل الحكومة. وقال شهود إن المتظاهرين تجمعوا في مناطق مختلفة من العاصمة لتنظيم مسيرة إلى مقر الحكومة ولكن شرطة مكافحة الشغب طوقت بسرعة بعض المجموعات ثم استخدمت الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريقهم. وقال مصدر طبي إن 29 شخصاً على الأقل نقلوا إلى المستشفى معظمهم لإصابته باختناق من استنشاق الغاز المسيل للدموع أو بكدمات بسبب الهراوات. واعتقل 15 شخصاً من بينهم نائبان برلمانيان سابقان ومراسل. وقدر ناشط معارض أن ما يصل إلى 50 ألف شخص تجمعوا في أماكن مختلفة. وقررت المعارضة الخروج إلى الشوارع بعد أن أعلنت الحكومة التي تهيمن عليها أسرة الصباح الحاكمة يوم أمس السبت الدعوة لإجراء انتخابات في أول ديسمبر/كانون الأول وأنها ستغير قانون الانتخابات للحفاظ على الوحدة الوطنية. والإعلان هو أحدث خطوة ضمن صراع متصاعد على السلطة بين المؤسسة الحاكمة والبرلمان الذي شهد تعيين وإقالة ثماني حكومات منذ تولي الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح السلطة في 2006. وحل أمير الكويت (83 عاماً) البرلمان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وكانت هذه سادس مرة يتم فيها حل البرلمان منذ أوائل 2006. وتجنبت الكويت الانتفاضات التي أطاحت بأربعة رؤساء عرب العام الماضي لأسباب من بينها نظامها السخي للضمان الاجتماعي. وكانت السلطات تعهدت في وقت سابق "بالتصدي الحازم" لأي محاولة لتنظيم احتجاجات خارج المناطق المقررة. وقال شهود إن المحتجين الذين تم تفريقهم في بادئ الأمر أعادوا تجميع أنفسهم لتشكيل حشد قدر بأكثر من 20 ألف شخص عند طريق رئيسي قرب أبراج الكويت الشهيرة. وهتف بعض المتظاهرين "المرسوم باطل" في إشارة إلى أمر أمير البلاد بتعديل قانون الانتخابات. وقال المتظاهرون إنهم تحركوا بدافع من الشعور بالظلم. وذكر موقع "الآن" الإخباري على الانترنت إن الاحتجاج انتهى قبيل منتصف الليل بعد أن طلبت الشرطة من المتظاهرين المغادرة وإلا سيتم إخلاؤهم بالقوة. ونقل نفس الموقع عن محامي حقوق الإنسان محمد الحميدي قوله إن عدد الجرحى بلغ 100 وليس 29 وإن بعض الجرحى حالته خطيرة. ورفضت المعارضة التغييرات التي اقترحها أمير البلاد وقالت إنها ستقاطع الانتخابات. وتضم المعارضة إسلاميين وليبراليين وشخصيات قبلية وحصلت على الأغلبية في البرلمان الذي يضم 50 مقعداً في الانتخابات الماضية في فبراير/شباط. ووصفت المعارضة التغييرات التي تسمح للناخبين باختيار مرشح واحد فقط عن كل دائرة انتخابية بأنه انقلاب على الدستور قائلين إن الإصلاحات ستمنع مرشحيها من الحصول على الأغلبية التي فازوا بها في الانتخابات الماضية. وتقول المعارضة إنه أصبح من غير الممكن الآن في ظل النظام الجديد إقامة تحالفات انتخابية والتي تعتمد على تصويت أنصار أحد المرشحين لمرشح آخر مقابل دعم متبادل. وبدأت مظاهرة اليوم الأحد من عدة أماكن في مدينة الكويت بعد صلاة المغرب. ونشرت قوات الأمن تعزيزات من رجال الشرطة في العاصمة وأقامت حواجز حول ساحة قريبة من قصر العدل حيث توجد المحاكم الكويتية. وقبل بدء الاحتجاجات قال ضاري الرجيب وهو ناشط شاب من التيار التقدمي الكويتي إنه يتوقع مشاركة ما يصل إلى 60 ألف شخص في احتجاج سلمي. وتشجعت المعارضة الكويتية بعد أن أطاحت احتجاجات الربيع العربي بأربعة رؤساء. ويطالب البعض بدولة دستورية وباستقالة الأمير وبأن يتم تشكيل الحكومات من قبل الأغلبية في البرلمان. وقدم آخرون طلبات أكثر تواضعاَ تدعو إلى خضوع الحكومة التي يعينها الأمير إلى إشراف برلماني كامل. وتحكم عائلة الصباح الكويت منذ أكثر من 250 عاماً ورغم أن الكويت تتيح حرية التعبير أكثر من أي دولة خليجية أخرى إلا أنه ممنوع المساس بالأمير ويشار إليه في الدستور على أن ذاته محصنة ومصونة. واعتقلت السلطات الكويتية اثنين من ساسة المعارضة يوم الخميس الماضي واستجوبت ثالثاً بعد أن أدلوا بتعليقات اعتبرت انتقادات للأمير. ودفعت الأحداث عائلة الصباح إلى إصدار بيان نادر يوم الخميس تدعو فيه إلى طاعة الأمير. وذكرت وكالة الأنباء الكويتية في وقت متأخر مساء أمس السبت إن وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود الصباح اصدر تعليماته لقوات الأمن "بالتصدي الحازم" لأي محاولة لتنظيم احتجاجات خارج المناطق المقررة. واشتبكت الشرطة مع محتجين يوم الاثنين الماضي في شارع به حواجز بعد أن تظاهر خمسة آلاف شخص أمام البرلمان. واعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن خمسة أشخاص بينهم نائبان سابقان بالبرلمان. وتلقي الأزمة التي تزداد حدة بظلالها على سوق الأسهم التي انخفضت بنسبة كبيرة بلغت 3.4 في المئة اليوم الأحد متجهة نحو أكبر انخفاض لها منذ منتصف 2009 عندما تضررت الأسهم من الأزمة المالية العالمية. وتصاعدت الأزمة السياسية في يونيو/حزيران الماضي، عندما قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان البرلمان الذي انتخب في فبراير/شباط الماضي وأعادت البرلمان السابق الذي كان أكثر ميلاً للحكومة. ولم تشل الاضطرابات النظام السياسي فحسب بل عطلت أيضاً خططاً كبرى للتنمية الاقتصادية.