ذكرت مصادر إعلامية أن الحرس الثوري الإيراني أرسل مؤخراً 15 ألفاً من قوات النخبة في فيلق القدس مدججة بالسلاح إلى سوريا لدعم الرئيس بشار الأسد الذي يواجه ثورة شعبية تعم البلاد من أقصاه إلى أقصاه لإرغامه على التنحي وإفساح المجال لإقامة نظام ديمقراطي تعددي بدلاً من نظام الحزب الواحد الذي يحكم سوريا منذ أكثر من أربعة عقود. وتؤكد مصادر إعلامية من جانب صحيفتي "الصباح" التركية و"هآرتس" الإسرائيلية وموقع "الصحافيين الخضر" الإيراني نقلاً عن مصدر قيادي في المجلس الوطني السوري لم يكشف عن هويته أن قائد فيلق القدس العميد قاسم سليماني انتقل مؤخرا إلى العاصمة السورية دمشق للمساهمة الفعلية في إدارة القمع الدموي للاحتجاجات المتواصلة منذ 11 شهراً ضد النظام، ووصفت هذه المصادر الدور الذي يقوم به سليماني بالأساسي. وسبق أن أبلغ مصدر في الحرس الثوري طلب عدم الكشف عن اسمه ل"العربية"، رداً على تقارير أمريكية تحدثت عن تورط فيلق القدس بقيادة سليماني بتزويد سوريا بالأسلحة، أن إيران لم تتدخل حتى الآن في شؤون سوريا الداخلية، وأنها تعتبر ما يجري في سوريا شأناً داخلياً لكنها ملتزمة في الوقت نفسه باتفاقية دفاعية معها وأنها لن تترك سوريا لوحدها في حال تعرضها لاعتداء خارجي. هذا وذكر موقع "الصحافيين الخضر" الإيراني أن "ما يتم الحديث عنه اليوم بخصوص تدخل فيلق القدس كان قد بدأ قبل تسعة أشهر حيث أشرنا إليه في تقرير لخبرائنا بتاريخ 17 مايو 2011 وكشفنا عن انتقال مقر تابع للحرس الثوري إلى سوريا". وأعاد الموقع نشر التقرير السابق الذي جاء فيه :"أرسل الحرس الثوري في الأسابيع الماضية مجموعة مكونة من 65 شخصا بأربعة طائرات محملة بالعتاد والأسلحة إلى دمشق وتعد تلك المرة الثانية، في خلال شهر، التي يتم فيها إرسال قوى أمنية وعسكرية وعتاد من طهران إلى دمشق عبر الطيران المدني". وذكر الخبراء للموقع: "إن هذه الطائرات المدنية الإيرانية تقوم برحلات عادية بين طهرانودمشق حتى لا تثير الشكوك، تحسبا لأي عملية رصد لها"، مضيفين أن قائد فيلق ولي الأمر التابع للحرس الثوري، العقيد جباري، هو من يقود القوات المرابطة في دمشق. وتحدثت تقارير سابقة عن حضور أعداد من الخبراء والمستشارين العسكريين في دمشق كما عن تواجد قناصة إيرانيين هناك، إلا أن التقرير الحديث يشير إلى إرسال 15 ألفا من القوات الخاصة من فيلق القدس وإلى التواجد الرسمي والمحوري لقائد هذه القوات أي قاسم سليماني إلى جانب العسكريين السوريين. وقال عضو حزب التضامن الأهوازي والخبير في الشؤون العسكرية، ناهي ساعدي: "ليس من المستغرب أن ترسل إيران هذه الأعداد من قواتها لنجدة النظام السوري فالمتوقع أكبر، حيث سترمي طهران بكل ثقلها العسكري والأمني والاقتصادي إلى جانب النظام السوري مهما كلفها الأمر، لأنها تنظر إلى هذه المعركة الى أنها معركة مصيرية، لا تحدد مصير النظام السوري فحسب بل مصير النظام الإيراني أيضا". وحسب ساعدي، وخلافا لما يتصوره البعض، النظام الإيراني لا يدافع عن النظام السوري دعما منه لما يمسى ب"جبهة الممانعة" في مواجهة إسرائيل. ويذكر ساعدي أنه كان أمام طهران فرصتين لتتوقف عن عرض العضلات وتنفذ تهديداتها ضد إسرائيل فعليا ولكنها فضلت إطلاق الشعارات: الفرصة الأولى عندما تعرضت لبنان لهجوم إسرائيلي مدمر في عام 2006 ، عرفت بحرب تموز، والثانية في نهاية عام 2008 واستمرت حتى بدايات 2009 حيث تعرضت غزة لهجوم إسرائيلي كثيف، وفي الحالتين لم تحرك طهران ساكنا واكتفت بالتنديد والاستنكار والتهديد المعتاد. ويستطرد ساعدي: "ولكن اليوم نرى طهران بدأت ترمي بثقلها إلى جانب النظام السوري لأنها تشعر أن النظام السوري معرّض لخطر حقيقي وبات الرئيس بشار الأسد يفقد السيطرة على الأرض، وإذا سقط النظام السوري ستفقد طهران امتداداتها في منطقة الشرق الأوسط وتسقط من يدها ورقة خلق الأزمات في المنطقة بذريعة التصدي لإسرائيل". وكان مصدر عسكري إيراني قال ل"العربية" بتاريخ 16 يناير/كانون الثاني الماضي: "نحن نرى حتى الساعة أن الوضع في سوريا جيد"، مشيرا إلى وجود اتصالات سورية إيرانية لتقييم الأوضاع هناك، وأضاف: "إن إخواننا في سوريا يقولون إن الأمور جيدة وهم يتوقعون الحسم في غضون شهرين".