تعيش مناطق واسعة من الصحراء الكبرى حالة استنفار عسكري كبير، حيث أمر رئيس أركان الجيش الجزائري بنشر الآلاف من العسكريين على طول الحدود الجنوبية، لغلق منافذ التسلل أمام المجموعة الخاطفة. وتشارك قوات جوية وبرية كبيرة في تعقب سيارتي دفع رباعي، عبر ممرات ومسالك صحراوية توصل إلى شمال موريتانيا ومالي، فيما شدّدت وحدات الدرك الوطني عمليات تفتيش العربات والسيارات عبر الطرق التي تربط ولايات آدرار وتمنراست وتندوف والبيض وغرداية. وشملت إجراءات الأمن نصب كمائن ومراقبة مسالك صحراوية، بعضها يبعد عن موقع خطف الرهائن بأكثر من ألف كلم، حيث امتدت إجراءات الأمن إلى الجنوب الشرقي. وأوقفت وحدات الجيش التي تعمل على تعقب خاطفي الرهينتين الإسبانيين وزميلهم الإيطالي، أربعة مهرّبين، ينشطون في منطقة وادي شناشن، 300 كلم شمال الحدود الجزائرية الموريتانية، بعد تبادل قصير لإطلاق النار، للتحقيق معهم حول تعاون مهرّبين مع المجموعة المسلحة التي خطفت الرهائن الغربيين. وتشير المعلومات الأولية إلى أن المجموعة المسلحة توغلت داخل الأراضي الجزائرية على مسافة 800 كلم، وكانت تتوقف طيلة ساعات النهار وتسير في الليل فقط للاختفاء من المراقبة الجوية. وتبحث قوات خاصة مدربة على تعقب الأثر، عن سيارتي الخاطفين التي تحركت، حسب المعلومات المتاحة، نحو الجنوب بسرعة كبيرة، ويعتقد بأنها تسللت إلى شمال مالي عبر موريتانيا. وجندت هيئة أركان الجيش أكثر من 2000 عنصر من القوات الخاصة، وعدة آلاف من عناصر الدرك والجيش لإنجاح مهمة مطاردة المجموعة المسلحة الخاطفة، وتشارك في العملية طائرات استطلاع وطائرات عمودية هجومية. وتعمل قوات عسكرية ضخمة على غلق منافذ التسلل عبر الحدود الجنوبية مع مالي وموريتانيا، فيما تحقق مصالح الأمن في تندوف باحتمالية تعاون مهرّبي مخدرات محليين في خطف الرعايا الغربيين الثلاثة. وتشير المعلومات المتاحة إلى أن المحققين على يقين بأن الجماعة الإرهابية المسلحة التي خطفت الرعايا الغربيين بنفس طريقة تنظيم القاعدة، استفادت من خبرة مهرّبي المخدرات في المسالك الصحراوية عبر هضبة "أقلاب أدوسي" و"حمادة الدواكل" و"عرقي الشاش" و"الشباشب"، وهي المناطق التي لم تشهد أي نشاط للجماعات الإرهابية منذ التسعينات. وتشير التقديرات الأمنية إلى أن الإرهابيين في تنظيم القاعدة لا يمكنهم المرور عبر المسالك الصحراوية السرية التي يستخدمها المهرّبون دون أن يكونوا قد استفادوا من تعاون مهرّبين، بل إن مهرّبين يكونون قد سهلوا على الإرهابيين العملية بالاستطلاع وتوفير المعلومات. وتأكدت هذه الفرضية بعد اكتشاف آثار سيارات دفع رباعي، في ما يسمى مسلك ''بروكة'' السري، المعروف بأنه أحد أهم مسالك المهرّبين، وهو طريق وعر بين منطقة "الشقة" في شمال موريتانيا، و"أسا" و"فم الزغيد" في غرب المملكة المغربية، حيث يعتقد على نطاق واسع بأن الخاطفين سلكوه باتجاه الشقة في شمال موريتانيا أو "العريشة" شمالي مالي. تنسيق إسباني مع دول المنطقة من جهة أخرى أعلنت ترينداد خيمينث وزيرة الخارجية الإسبانية أن حكومة مدريد تعمل بتنسيق مع حكومات المنطقة للوصول لتحرير الرهائن الإسبان، مشيرة إلى عدم التوصل لحد الساعة إلى أية معطيات مضبوطة حول من يقف وراء عملية الاختطاف. وقالت إن المتوفر حاليا من معلومات يشير إلى ما وصفتها بفرضيات غير مؤكدة، لتوضح بأن أولوية الحكومة الإسبانية تحرير الإسبان وعودتهم لديارهم. كما قلت خيمينيث أن مدريد وجهت رسالة للأمم المتحدة تطالب فيها بإيفاد لجنة تحقيق لتقييم الوضع الأمني في مخيمات تندوف، وللتمكن كذلك من القيام باطلاع على ما وصفتها بحقيقة الوضع الاقتصادي وتدبير الإعانات الدولية، وطريقة عمل المنظمات الدولية في مشاريع الإعانات. وفي تعليق من المملكة المغربية على اختطاف الرعايا الإسبان في منطقة تابعة لسيطرة البوليساريو، أكد الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي، أن يتعلق بمتطوعين تواجدوا في لحظة الاختطاف فوق التراب الجزائري، وهنالك عملية تبادل للمعلومات ما بين الرباط والجزائر ونواكشوط ومدريد لأنه من المهم التعاون على الصعيد الإقليمي لمواجهة ظاهرة الإرهاب. وعبر الفاسي عن تضامن المملكة المغربية مع إسبانيا في محنة رعايا المختطفين، من دون أن يوضح إذا كان المغرب دخل عمليا على الأرض تدخلاته لتدبير ملف الرهائن بالرغم من طرف أحد الصحافيين الإسبان لسؤال حول الموضوع، إلا أنه ذكر بعمل الرباط على إطلاق سراح سياح إسبان تم اختطافهم فوق التراب الموريتاني في وقت سابق. وفي أول تعليق من الدبلوماسية المغربية على انتخاب الرباط عضوا غير دائم داخل مجلس الأمن، أعلن الطيب الفاسي الفهري للصحافيين في ندوة صحافية مشتركة مع وزيرة الخارجية الإسبانية، سعي المملكة للدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة للأشقاء الفلسطينيين، واحترام القدسالشرقية، وكذلك قضايا أخرى، ما يحصل في اليمن أو سوريا غدا، باعتبار المغرب دولة عربية وتمثل الجنوب بصفة عامة، وذلك في اتصال مع الدول الأوروبية.