أظهرت الكثير من الوثائق التاريخية العمق الإنساني الكبير في شخصية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – المتمثل في كرمه وحبه لشعبه، ومن ذلك اعتذاره عن الذهاب إلى الحج ست سنوات متفرقة في فترة حياته، لتوزيع نفقات الحج على المحتاجين في البلاد ، والراغبين في أداء الحج . وقال المشرف على كرسي الملك عبدالعزيز لدراسات تاريخ المملكة الدكتور عمر بن صالح العُمري : إن الملك عبدالعزيز أعتاد سنويًا على قيادة موكب الحج والإشراف بنفسه على خدمة الحجيج على مدى 30 عامًا من حياته حتى توفي - رحمه الله – ولم يتخلف خلال تلك الفترة عن مواسم الحج إلا ست سنوات، أناب في اثنتين منهما نائبه في الحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وأربع منها أناب ولي عهده الأمير سعود بن عبدالعزيز - رحمهما الله -. ولفت الدكتور العُمري في حديث لوكالة الأنباء السعودية إلى أن الأمير عبدالله الفيصل – رحمه الله – كتب برقية في 4 ذي القعدة عام 1360ه – حينما كان أميرًا لمنطقة القصيم – بين فيها اعتذار الملك عبدالعزيز عن الحج في ذلك العام، وتوجيهه بتوزيع نفقة الحج على الفقراء، وقد أدرجتها دارة الملك عبدالعزيز ضمن وثائقها الرسمية في تاريخ 6 جمادى الأولى عام 1394ه. وأشار إلى أن البرقية جاء فيها " بسم الله الرحمن الرحيم .. من عبدالله بن فيصل إلى جناب الأخ المكرم محمد العبدالله بن ربيعان .. سلمه الله .. بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، نفيدكم أن الإمام حفظه الله قد عزم هذه السنة عدم الحج بنفسه، وقصد من ذلك توفير المصاريف التي يصرفها كل سنة في مكة، لأجل توزيعها على مستحقيها من الفقراء والمساكين، وقد أمرنا أيضًا تبليغكم بذلك، نرجو أن يديم الله حياته للإسلام والمسلمين،، هذا مالزم تعريفه". وأفاد العُمري أن هذه المواقف الإنسانية من الملك عبدالعزيز لشعبه الكريم لم تكن محصورة على اعتذاره عن الذهاب للحج فقط، بل حتى أثناء ذهابه للحج حيث كان يشرف - رحمه الله - على خدمة الحجاج، والتوجيه بتلبية مايحتاجونه من خدمات تعينهم على أداء نُسكهم بكل يسر وسهولة. وبين أن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كان حريصًا على تتبع الأحول الصحية للحجاج وتفقد مقارهم أثناء الحج، ومن ذلك أنه أمر عام 1344ه بتخصيص طبيب لكل مقر بعثة حجاج لمعاينة المحتاج منهم، كما أمر – أسكنه الله فسيح جناته - بإنشاء مدرسة عام 1347ه لتعليم المطوفين ونوابهم حسن الوفادة لضيوف بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين، إلى جانب تلقيهم دروسًا في علوم التوحيد، والفقة، والعقيدة.