كشف خبراء في القطاع العقاري أن أسعار الأراضي البيضاء التي تقع خارج النطاق العمراني بالمملكة تراجعت بنسبة 30 بالمائة نتيجة الركود الذي يضرب السوق حاليا بسبب عزوف كثير من المواطنين عن الشراء انتظارا لبرامج ومشاريع وزارة الإسكان التي سيعلن عنها بالمرحلة المقبلة. وقال رئيس لجنة التثمين العقاري بغرفة جدة عبدالله الأحمري إن «سوق المملكة يمر حاليا بمرحلتي ركود وانخفاض بالسعر نتيجة سفر المستثمرين والمضاربين، ولكن هذه المرة جاء الركود بعكس ما يتوقعه الكثير وبأنه غمامة صيف عابرة وإنما حقيقة هذا الركود هو العزوف ثم بعد ذلك سينزل أصحاب الأراضي والعقارات إلى رغبة المشترين حيث تغيرت كل الموازين بعد أن ذللت الدولة في قراراتها الأخيرة الموفقة الكثير من العقبات خصوصا قرار الأرض والقرض، وكذلك موافقة مجلس الشورى على طلب صندوق التنمية العقارية بالسماح لإقراض الزوج والزوجة معا، وهذا بلا شك يعتبر بارقة أمل لهؤلاء بأنهم سيبنون منازلهم من خلال قروض الدولة التي تغنيهم عن قروض البنوك والشركات التمويلية وعن رهنها لأي جهة كانت، إضافة إلى ما صرح به مصدر مسئول بوزارة الإسكان حول استراتيجية لدعم صندوق التنمية سيعلن عنها خلال الاشهر الثلاثة القادمة من أجل تدشين برنامج القرض المعجل الذي سيحصل عليه أصحاب الملاءة المالية من المواطنين الذين يملكون الأراضي وهم مازالوا في قوائم الانتظار ويقدر عددهم ب 600 ألف مواطن، وهذه مؤشرات إيجابية بالسوق تصب بمصلحة ذوي الدخل المحدود». وبحسب تقرير أعده الزميل سلطان الطولاني ونشرته صحيفة اليوم , أكد الأحمري أن «مواصلة أسعار الأراضي الارتفاع كما يزعم هوامير العقار أصبح بعيد المنال لاسيما وأن هناك تجارا يحاولون القيام بعمليات تدوير للأراضي فيما بينهم ورفع قيمة الأصول رغبه في أن يكون ذلك معيارا لمؤشر وزارة العدل ، وهذا ايحاء للرأي العام وأصحاب الحاجة من السوق بأن العقار لم يتأثر ، ولكن وزارة الداخلية انتبهت لهذا الأمر وقد طلبت من وزارة العدل التعميم على كتابات العدل لديها بعدم إجراء مثل هذه المبايعات الوهمية، لذلك فإن الأمور تتجه نحو التصحيح وليس الى الارتفاع كما في السابق ولن تنفع محاولات التجار لرفع قيم الأصول عبر التدوير والمبايعات الوهمية من أجل الحصول على القروض من البنوك ولكن هذه العملية أصبحت مكشوفة للجميع سواء أكانت البنوك أو الجهات الرسمية وأصبحت لا تنطلي عليها مثل هذه الممارسات. وأشار الأحمري إلى أن «تراجع أسعار الأراضي بدأ بالفعل في أطراف المدن وهي تلك المخططات التي لا توجد لها بنية تحتية وتم رفع سعرها عن طريق المضاربات والسماسرة من العمالة الأجنبية ، وقد بلغ هذا التراجع أكثر من 30 بالمائة بعموم المملكة، موضحا أن الأراضي التي داخل النطاق العمراني تراجعت بنسبة ضئيلة جدا. في المقابل أرجع د.بدر بن سعيدان المدير العام لشركة آل سعيدان للعقارات مرحلة الركود الحالية الى» فترة الصيف وقرب حلول شهر رمضان حيث تعتبر هذه الفترة هي مرحلة الركود الطبيعية الموسمية، ولا تعطي أي مؤشر لنزول أسعار الأراضي كما يتم تداوله من البعض». وحول مقارنة أسعار الأراضي بالمملكة مع دول الخليج قال بن سعيدان «أسعار الأراضي الخام في المملكة لا تزال أقل من الدول المجاورة حتى ولو شهدت ارتفاعات خلال الفترات الماضية , ورغم ذلك تظل مرتفعة مقارنة بدخل الفرد الذي لم يتغير منذ أعوام , إذا فالارتفاع طبيعي والمشكلة في دخل الفرد». وأكد ابن سعيدان أنه «من الطبيعي أن تتغير أسعار الأراضي خارج النطاق العمراني لأن شراءها يتم من أجل المضاربة وليس البناء وهي تتأثر بأي قرار ولا تؤثر على الاقتصاد أو سوق السكن وهي مجرد مضاربات وأسعارها ترتفع بشكل أكبر من المناطق التي داخل النطاق لأن الطلب عليها مضاربي وغير حقيقي». في المقابل أكد المطور العقاري ردن الدويش رئيس شركة «الحاكمية» للتطوير العقاري أن أسعار الأراضي انخفضت بشكل ملحوظ في الأطراف وهذا مؤشر على انخفاض سيطال كثيرا من المواقع حتى داخل المدن الرئيسية وقال « السيولة الان حائرة خاصة مع قلت القنوات الاستثمارية الحقيقية , ولعل ذلك يدفع المستثمرين في تجارة الأراضي الى تطوير أعمالهم والاتجاه الى التطوير العقاري وتقديم منتجات حقيقية للسوق , فهناك المستقبل الحقيقي في صناعة العقار» وأضاف « نتمنى أن لا يكون العمل في سوق العقار مضرا بمصالح المواطنين وكذلك لا نتمنى الضرر للمستثمرين وان يكون هناك ارتفاع في درجات الوعي والتفاعل مع توجهات وزارة الإسكان التي تهدف الى حل مشكلة السكن التي أصبحت تؤرق الجميع». من جهته قال الخبير العقاري د.عبدالله المغلوث إن «السوق العقاري يمر بمرحلة ركود بسبب فترة إجازة الصيف، وكذلك انخفاض أسعار الأراضي التي تقع خارج النطاق العمراني وبعيدة عن محاور الإسكان بسبب توجه وزارتي البلديات والشؤون القروية والإسكان إلى ضخ مساحات مطورة ومنحها للمواطنين مع القرض خلال المرحلة المقبلة ، وهذا سيصحح أسعار الأراضي بدلا من أن تبقى باهظة لأن ارتفاعها الحالي غير طبيعي». وأكد أن «نسبة انخفاض أسعار الأراضي في مختلف مناطق المملكة وصلت بالفترة الحالية إلى 30 بالمائة ومنها مناطق الأطراف في المنطقة الشرقية نتيجة الإجازة واستراتيجية وزارة الإسكان التي لم يعلن عنها بعد حيث ان هذه مؤشرات تدل على تراجع أسعار العقار وبداية التصحيح للوصول للأسعار التي ينبغي أن تكون عليها حتى تكون بمتناول المواطنين، مشيرا إلى أن العقاريين والمضاربين بدأوا مراجعة حساباتهم لمعرفة خطط الجهات الرسمية خلال المرحلة المقبلة». وبين المغلوث أن «أسعار الأراضي سواء كانت خارج أو داخل المدن لا تزال متضخمة، لذا لابد من التصحيح , وليس كل أرض يتم شراؤها من أجل البناء فكثيرون يشترون للتحوط أو للمضاربة، ولهذا ترتفع الأسعار بشكل غير طبيعي، وما نشاهده الآن في المزادات العقارية بكافة المملكة التي تشهد عمليات تدوير رفعت أسعار الاراضي البيضاء الى مستويات غير مسبوقة». في المقابل أكد مدير عام شركة بصمة العقارية م.خالد المبيض أن هناك مبالغة كثيره فيما يتردد عن انخفاض أسعار الأراضي، وقال «إذا حصل في السوق فترة ركود تتجاوز العامين فهنا قد يحدث الانخفاض ، ولا نلاحظ في الوقت الحاضر أي ركود فعلي وإنما ذلك وضع طبيعي وموسمي نتيجة سفر كثير من المستثمرين والملاك خلال فترة الصيف، أما فيما يخص الوحدات السكنية فيوجد طلب كبير عليها وهناك عوامل محفزة لذلك كفترة الصيف التي تعتبر محركا لبيع هذه الوحدات، وكذلك دخول كثير من شركات التمويل التي قدمت منتجات تمويلية شجعت حركة الطلب على القطاع». وكشف المبيض «معظم الطلب على الأراضي مركز منذ سنوات في العاصمة الرياضوجدة والدمام بدليل أن 80 بالمائة من سكان المملكة يريدون السكن في هذه المدن، وهذا بلا شك له تبعات سلبية على الأسعار لأنه يؤدي إلى تضخم في الطلب، والبنى التحتية لم تعمل على أساس استيعاب الكم الهائل من السكان بمدن المملكة الرئيسية من خلال إنشاء الأبراج السكنية والقطارات التي تحت الأرض، وأن التوسع أفقي والأحياء السكنية لا تستوعب إلا عددا محدودا من الأسر». من جهته أكد المسوق العقاري علي النويشر أن «أسعار العقارات خلال العامين الماضيين وصلت إلى مستويات عالية خصوصا الأراضي البيضاء، ولكن بعد توجه الدولة لتصحيح الوضع بدأت بالتراجع، وقد حققت حاليا انخفاضا يتراوح من 25 – 30 بالمائة على حسب المنطقة والموقع، بدليل أنه تم عرض أرض باحدى المناطق للبيع ب 1950 ريالا للمتر الواحد بعد أن كان سعره يبلغ 2200 ريال وذلك بسبب قرارات الإسكان الأخيرة». وأوضح النويشر أن «الانخفاض الحاد الذي يتوقعه المواطنون لن يحصل بفترة قصيرة وإنما يحتاج إلى سنوات لأن تجار الأراضي لديهم منتجات عقارية كثيرة يطرحونها في السوق بطرق ذكية من أجل المحافظة على سعرها ومواجهة هذا النزول لأنهم يعتبرونها ثروة تم جنيها لسنوات عدة».