متواريا خلف حافة شرفة حجرية تطل على حلب القديمة، يعاين "ابو احمد" مدرعة للجيش عبر منظار بندقيته القناصة الدقيقة التصويب. بطلقة واحدة اصاب الهدف. متجاهلا قاعدة اساسية لدى القناصة تقضي بالاختفاء بعيد الضغط على الزناد، يلزم "ابو احمد" موقعه. ثم يعيد تلقيم البندقية وهي دراغونوف روسيا قديمة، يعيد التصويب ويراقب حاجز الجيش السوري الذي اغلق مدخل احد الشوارع الرئيسية في المدينة القديمة بحثا عن الجندي المتهور. وقال الشاب البالغ 25 عاما الوافد من احدى القرى شمال حلب حيث يسيطر الثوار "لدينا مواقع اطلاق نار على جميع اسطح الحي، بالتالي من الصعب عليهم تحديد مكاننا". وتابع انهم "احيانا يردون ولكن عشوائيا". وكان الشاب النحيل القصير البنية الذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي يركب الستائر قبل انطلاق الاحتجاجات في سوريا، وقرر بعدها ان يكون قناصا لان القناص يجب ان "يتحلى بالهدوء والتركيز". ويمضي الى جانب اثنين من رفاقه ايامهم على شرفة هذه الشقة وداخلها. وقال ان الشقة "تعود الى عائلة كردية قررت مغادرتها لقربها من الجبهة". المكان كما كان عليه باثاثه وستائره. ينبغي شق باب الشرفة والزحف الى موقع اطلاق النار، وهو ثقب من عدة سنتيمترات حفر بالازميل في حجر الشرفة الابيض. على بعد 500 م بمواجهة الشقة تبدو اسوار قلعة حلب التي تشرف على المدينة، ويحتل قناصة الجيش النظامي فتحاتها الدفاعية. عند حوالى الساعة 05,00 كل صباح يتسلق "ابو احمد" ورفيقاه درج المبنى بعد العبور من الباحة الخلفية لتجنب الظهور. وقال "نتتالى على الشرفة كل 3 الى 4 ساعات. في الوقت الباقي ننام او نراقب بالمنظار". وتابع "الهدف هو منعهم من التقدم، وازعاجهم بشكل دائم". على الارض حوله تناثرت عشرات الرصاصات الفارغة وعلبة رصاص مفتوحة وزجاجة مياه ملفوفة بخرقة مبللة وجهاز اتصال لاسلكي ووجبات سريعة. اكد ابو احمد انه قتل "على الاقل عشرين شخصا من جنود بشار" واصاب حوالى مئة بجروح. سدد على خوذة بدت خلف اكياس الرمل. "طق": لا شيء، تعطلت البندقية. مع هبوط الليل ينسحب الثلاثة ويعودون الى مقر كتيبتهم للنوم على بعد عدة شوارع. ويؤكد قائد الكتيبة الذي يعرف عن نفسه باسم "خطاب" انه يرغب في نشر قناصين طوال 24 ساعة يوميا لكنه يأسف لعدم حيازة نظارات الرؤية الليلية. وقال ان "تجار الاسلحة يرفضون بيعنا اياها". واضاف "الامر سيان بالنسبة الى الاسلحة". واوضح ان الرئيس السوري "بشار (الاسد) اخطر جميع تجار الاسلحة في المنطقة بانه مستعد لدفع مبالغ اكبر بكثير مقابل كل ما يمكنهم بيعنا اياه. من الصعب جدا العثور على السلاح". واخرج من جيبه لفافتين من اوراق المئة دولار مربوطة بحلقة مطاطية. قال "لدينا المال. وهذه البندقية" مشيرا الى بندقية قناصة بلجيكية من طراز اس سي جي عيار 7,62 تم اسنادها الى كنبة. وتابع "اشتريناها من احد جنود بشار مقابل اربعة الاف دولار". احد رجاله باعد شفرات الستار في احدى الغرف ليراقب بالمنظار. وقال خطاب ان "جميع حواجز الجيش تتعرض لنيران عدة مواقع مثل هذا...لا يمكنهم التحرك الا في المدرعات. عندما نحصل على اسلحة اكثر قوة فسينتهي الامر بالنسبة لهم". لكن الشرفة التي تنطلق منها رصاصتان او ثلاث في الدقيقة كان يمكن رصدها وتدميرها بقذائف مدفعية من احدى الدبابات المتمركزة في الاسفل على الدوار. وقال خطاب "لا يجرؤون على الاقتراب" موضحا "فخخنا الطريق بكمية ضخمة من المتفجرات. انهم يعلمون ذلك".