لم تمنع الإعاقة الذهنية أحمد مسلم من حفظ القرآن الكريم، وحفظ أرقام الآيات والصفحات وتسلسل أجزاء وأحزاب كتاب الله، ومواضع السجدات، حسب ترتيبها، ومعاني كتاب الله باللغتين الانجليزية والفرنسية، رغم أنه لم يدرس اللغتين واقتصرت معرفته بهما على ما كانت تعلمه له أمه من بعض حروف بسيطة، خاصة أن والدته لا تجيد تلك اللغتين وتكتفي منهما بمعرفة الحروف وقليل من الكلمات، لكنه علم نفسه بمتابعة البرامج وقنوات التلفاز الناطقة باللغتين. وأحمد مسلم عبيد، يتيم الأب، ويصفه البعض بأنه «كمبيوتر» قرآني في عقل إنسان يعاني من إعاقة ذهنية نتج عنها عدم القدرة على الحركة الطبيعية وعدم القدرة على الحوار الطبيعي مع الآخرين. ووفقا لصحيفة الإتحاد الإماراتية، فأحمد تستضيفه جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كضيف شرف هو واثنين آخرين من ذوي الإعاقة الذهنية، الذين يمتلكون مواهب ومعجزات في حفظ القرآن الكريم، وقد نظمت الجائزة لأحمد مسابقة خاصة ضمن فعاليات اليوم الثاني للمسابقة الدولية، ووجهت له 12 سؤلاً في حفظ القرآن وأرقام الصفحات والآيات والآيات المتشابهات حسب ترتيب المصحف، فأجاب عنها جميعاً، حتى إنه نال استحسان وإعجاب الجمهور والمتسابقين الأسوياء، الذين لم يمتلكوا إلا أن يصفقوا له بعد أن أنهى الإجابة عن الأسئلة. الغريب والمدهش في الوقت ذاته، أن أحمد، عندما كانوا يحاولون إيقافه من قبل لجنة التحكيم كان لا يتوقف ويستمر في القراءة للآيات الأخرى ويعقد مقارنات بين الآيات ويتحدث عن مكان الكلمة داخل الصفحة. وقد اكتشفت إمكانات ومواهب أحمد القرآنية، مؤسسة دار أبرار مصر لذوي الإعاقة الذهنية، عندما نظمت أول مسابقة للقرآن الكريم للمعاقين ذهنياً في العام 2010. إلى ذلك تقول سامية محمود خليل، والدة أحمد مسلم، التي تعمل موظفة في الإصلاح الزراعي بمصر: أحمد ابني الوحيد، وهو صغير لم يكن يتكلم حتى عمر 3 سنوات، فكنت أحاول تسليته عن طريق قراءة ما تيسر من المصحف، فلاحظت أنه عندما أتوقف، يفتح المصحف ويطلب مني بحركات معينة أن أعاود القراءة. وتضيف الأم المرافقة لابنها في رحلته للإمارات: بدأت أكثر له من قراءة القرآن وأعلمه بعض الحروف، ووجدت أنه بدأ يميل إلى سماع القرآن رغم إعاقته، فكان دائم الإنصات إلى المذياع أو النظر إلى التلفاز، وظهرت عليه علامات سرعة البديهة، فأخذ يقلد ما يسمع بأصوات غير مفهومة، مشيرة إلى أنها بدأت تحفظ ابنها بعض آيات القرآن من مواضع مختلفة بالمصحف، فإذا بها تفاجأ بعد فترة أنها كلما أرادت أن تحفظه شيئاً، بأنه يحفظه فعلاً. وأوضحت أم أحمد الذي توفي والده منذ 8 سنوات وتركه وحيداً، أن ابنها يقرأ القرآن باللغتين الإنجليزية والفرنسية بعد أن سمع مفردات من اللغتين عن طريق المذياع والتلفاز. وتصف الأم، حياة ابنها بأنه يعيش مع القرآن، دائم الترتيل له، رغم أنه لم يحصل على شهادة علمية، بل لم يكمل دراسته الابتدائية، كما أنه لا يحسن قراءة أي شيء ما عدا القرآن. بدوره، كشف إسماعيل طنطاوي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة إبرار مصر لذوي الإعاقة الذهنية، أن المؤسسة أجرت اختبارات ذهنية لأحمد، فتبين أن عمره العقلي هو عمر طفل يتراوح عمره بين 5 و 6 سنوات، بينما عمره الطبيعي 21 عاماً. ويشير إلى أن قدرات أحمد محدودة ولا يستطيع معرفة عنوانه أو الوصول إلى منزله أو ركوب المواصلات وحده، كما يحتاج إلى من يساعده ويعتمد عليه في كل أمور حياته، واصفاً ما يتمتع به من قدرات قرآنية، بأنه نموذج ومثال يحتذى به بين الأسوياء.