فيما اعتُبر مجازفة تهدد فرص العمل المتاحة لمواطنيها، تسعى الهند لزيادة أجور ملايين الهنود العاملين في دول الخليج، بهدف أن يدر عليها مليارات الدولارات، لكنه قد يخرج بعض مواطنيها من سوق العمل الخليجية. وما يؤكد صعوبة هذا المسعى، هو رقم العمالة الهندية الموجودة في دول الخليج، والتي تقدرها مراكز الإحصاء هناك بنحو خمسة ملايين عامل في دول الخليج، حيث يشكلون أكبر تجمع وسط العمالة الأجنبية التي ربما تزيد على 20 مليون شخص. وقال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الهندية ي.س. كاتاريا، الاثنين (17 نوفمبر 2014): "نُريد أن تحصل الأيدي العاملة الهندية على رواتب أعلى.. التضخم، وقيمة العملة الهندية، وارتفاع تكاليف المعيشة في الخليج، هي العوامل المفضية إلى القرار"، وفقًا لوكالة أنباء "رويترز". وقال مسؤول آخر بوزارة الشؤون الخارجية الهندية، إن طلبات الهند لزيادة الأجور لاقت مقاومة من دول الخليج الست، وإن بلدين هددا بخفض العمالة الهندية، واستقدام مزيد من بنجلادش ونيبال. من جهته، قال فواز الخضري الرئيس التنفيذي لشركة إنشاءات بالسعودية، إن أرباح القطاع قد تتقلص جراء مطالب حكومات بعض الدول المصدرة للأيدي العاملة. وأكد أن "في بعض الحالات كانت الرواتب في نطاق 800 إلى 900 ريال والآن نسمع عن 1500 ريال كحد أدنى وهي زيادة كبيرة جدًّا.. قطعًا ستكون تلك مشكلة كبرى في قطاع المقاولات". وكانت السفارة الهندية قد رفعت في وقت سابق هذا العام الحد الأدنى المنشور بموقعها على الإنترنت إلى 1200 ريال (320 دولارًا) في الشهر من 670 ريالا. ورد أحمد الفهيد وكيل وزارة العمل السعودية للشؤون الدولية قال الشهر الماضي: "إذا كان القرار بالنسبة للهند على مستوى الهند كلها بمعنى ألا أحد يخرج من الهند إلا بهذا الحد، فهذا قرار سيادي بالنسبة للدول لا نتدخل فيه". مضيفًا: "أما إذا كان قرارًا خاصًّا بالمملكة برفع أجور من يأتي إلى المملكة فنحن نعارضه ولا نقبل به، لأنه يكون هناك تمييز، وهذا يعتبر حتى في الاتفاقات الدولية غير مقبول"، ولم يصرح بأكثر من ذلك. وعلى مدى الأشهر السبعة الأخيرة عمد الدبلوماسيون الهنود في البحرين والكويت وقطر وسلطنة عمان والسعودية والإمارات العربية المتحدة إلى إجراء زيادات حادة على الحد الأدنى للأجور الذي يوصون به للعمالة الهندية في شركات القطاعين العام والخاص بتلك الدول. لكن من غير الواضح مدى نجاح الاستراتيجية الهندية. فقد أبدى المسؤولون في بعض الدول الخليجية على الأقل استياء وقد تؤدي المساعي الهندية إلى نتائج عكسية إذا انتهى الأمر بتلك الدول إلى استقدام العمالة من مناطق أخرى من العالم. وأكد مراقبون أنه لا تستطيع الحكومة الهندية إملاء أجور مواطنيها في الخليج، فقرارات التعيين يأخذها أرباب العمل في كل دولة على حدة، ولا تفرض تلك الدول حدًّا أدنى للأجور، وغالبًا ما تحظر أنشطة الاتحادات العمالية. وإذا نجحت جهود الهند في زيادة الأجور، فقد تعزز الاقتصاد، لأن المغتربين يحولون جزءا كبيرا من أجورهم إلى أسرهم، وبلغت تحويلات الهنود في الخارج 69 مليار دولار في 2012، وخلصت دراسة للبنك المركزي عام 2010 إلى أن دول الخليج تسهم بنسبة 31 بالمائة.