فتحت وفاة الطفلة جوري الخالدي (5 سنوات) التي ماتت غرقًا، الباب واسعًا أمام تساؤلات عدة حول رعاية مصابي التوحد في المملكة، وظروفهم الخاصة وأهمية إلزام الأسر برعاية هؤلاء والرقابة المستمرة عليهم. "جودي" ابنة محافظة الجبيل استغلت فرصة عدم وجود رقابة في منزلها، وبقاء باب المنزل مفتوحًا؛ فخرجت مسرعة، حيث توجهت إلى البحر لتختفي وتبدأ رحلة بحث متواصلة من أهلها والأجهزة الأمنية والشباب المتطوعين، إلى أن عثروا عليها مسجاة على ساحل الجبيل أمس الثلاثاء. وشيع أهالي محافظة الجبيل جثمان الطفلة، في ذات اليوم. وتعليقًا على ذلك، قال أخصائي اضطرابات التوحد خالد محمود السيد المشرف السابق على حالة جوري الخالدي، ل"عكاظ" في عددها الصادر اليوم الأربعاء، إن الطفلة مصابة بالتوحد "بدرجة متوسطة – شديدة" وهذا النوع من الإصابة يتسم باندفاعية شديدة وغير مكترث بالأخطار التي تحيط أو تواجهه عموما. وذكر أن الطفلة في غالب الأمر تحب البحر، ولكن طبيعة الطفل التوحدي لا يدرك في داخله الخطر الذي يواجهه، مشيرًا إلى أن هذه الدرجة من التوحد وغيرها من الدرجات تتطلب مراقبة وعناية وقربا دائما من قبل الأهل، إضافة لبرامج علاجية وتعليمية خاصة تسعى لتحسين القدرات العقلية لديهم وتنمية مهارات التواصل مع الآخرين، إضافة لجلسات نفسية مستمرة، وبرامج وفعاليات لزيادة مستويات الوعي الأسري بهذه الفئة. "السيد" لفت إلى أنه يوجد لدى الأسر معين أو مرافق دائم بالقرب من الحالة وعدم إهمالها وتركها دون مراقبة، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 200 حالة في الجبيل على الأقل دون مركز نوعي متخصص لمثل هذه الحالات. وأضاف أنه ووفقًا لآخر إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية 2014م في هذا الشأن فإن كل 50 حالة ولادة طبيعية يقابلها حالة توحد، وهذا رقم مخيف جدًا؛ إذ كانت الإحصاءات في عام 1989م بين كل 300 حالة طبيعية هناك حالة توحد؛ ما يتطلب الأمر مركزا خاصا بمثل هذه الحالات يشتمل على برامج متخصصة شمولية، تعليمية وإرشادية ونفسية واجتماعية ورعاية. وكانت مصادر طبية أن عدد المصابين بمرض التوحد في السعودية يتراوح ما بين 200 و 400 طفل سنويا، وهو مرض يعد تشخيصه من أكثر الإجراءات تعقيدا، إذ يتطلب توفر فريق عمل متكامل مكون من أقرباء المريض والطبيب المعالج ومختصين في الطب النفسي وعلاج التخاطب ،لوضع قاعدة بيانيات رئيسة تسهل توفير الخدمات العلاجية للمصابين. وفي العام الماضي، تحدثت صحيفة "الشرق" عن وجود ما يزيد عن 360 ألف حالة مصابة بالتوحد في المملكة، ليسجل هذا الرقم أكثر الإعاقات النمائية شيوعًا، نتيجة لاضطراب عصبي يؤثر في عمل الدماغ، حيث تشير الدراسات إلى أن الإصابة بالتوحد ليست لها علاقة بأي خصائص ثقافية أو عرقية أو اجتماعية.