تعليقا على الجدل الدائر بشأن قضية تفريق السحب، شدد الدكتور عبد الله المسند (عضو هيئة التدريس بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم) على أن الإنسان "لا يستطيع مهما أوتي من قوة حرف أو تغيير مسار حالة مطرية بأكملها، أو إعصار مداري، أو عاصفة غبارية أو نحوها، إذ إن الإنسان وما يملك من تقنيات أضعف من ذلك "، مضيفا: " لم تُستخدم هذه التقنية لا في محافظة جدة ولا غيرها، وصورة الخطاب الموجه من الدفاع المدني إلى الرئاسة بشأن تفريق السحب مزور، وفيه أخطاء إجرائية وإدارية فاتت على المزور". وكمثال ، قال المسند إنه "من أجل تفريق السحب الماطرة عن محافظة جدة ولفترة 3 ساعات تقريباً، تحتاج العملية إلى موظفين يفوق عددهم جميع العاملين بالرئاسة العامة للأرصاد حالياً، كما أن العملية تحتاج إلى محطات رصد مناخية خمسة أضعاف ما هو متوفر بجدة حالياً، والعملية تحتاج إلى بضع طائرات خاصة لتفريق السحب، أو عشرات المدافع الأرضية لتطلق نحو 1000 صاروخ من أجل إجهاض السحب الماطرة قبل وصولها إلى جدة، والعملية تحتاج إلى توقف حركة النقل الجوي المدني والعسكري كلياً فوق جدة، والعملية تحتاج إلى غرفة كونترول متطورة وأجهزة حاسوبية فائقة، ورادارات طقسية محمولة وثابتة، وأقمار صناعية لمراقبة الغلاف الجوي المحلي، كل هذا من أجل تفريق الغيوم فوق جدة لبضعة سويعات، وقد تنجح وربما تفشل، والواقع أن الرئاسة العامة للأرصاد لا تستطيع إدارة حرب تقنية جوية بهذا الحجم والتعقيد". وعن الخطوط البيضاء التي تُخلفها الطائرات النفاثة في السماء، والتي يدعي البعض أنها غاز الكيمتريل الذي تفرق من خلاله السحب، قال المسند: "عندما تكون الطائرة على ارتفاعات عالية نحو 8 – 12 كم، وفي مستويات جوية متجمدة، وعندما تنفث محركات الطائرات النفاثة العديد من المركبات الكيميائية الغازية ومنها بخار الماء وهو بدرجة حرارة عالية يختلط بخار الماء الساخن جداً بالهواء البارد جداً خلف المحرك؛ حينها يتكثف بسرعة، ويشكل بلورات ثلجية وهي الخطوط البيضاء التي تراها في السماء، والبعض يظن أن هذه الملوثات التي تُخلفها الطائرات عبارة عن مادة كيميائية سرية (غاز الكيمتريل) تستهدف تغيير المناخ قسراً، أو تفريق السحب عمداً، وهذا هُراء، سيما أن ظاهرة الخطوط البيضاء خلف الطائرات ظهرت أول مرة عام 1919م، وهي تظهر في السماء حتى ولو لم يكن هناك حالة مطرية مستهدفة، فكيف تكون لتفريق السحب؟. وعندما لا تترك الطائرة خلفها ذيلاً ولا خطاً أبيض فإن ذلك يعود لسببين الأول: أن درجة حرارة الهواء التي تحلق فيه الطائرة غير بارد بشكل كاف، ثانياً: لا توجد رطوبة عالية في تلك الأجواء".. وتابع :"من جهة أخرى فإنه يمكن علمياً وتقنياً تفريق السحب، كما تمكن الإنسان في استحلاب السحب (الاستمطار)، ولكن تفريق السحب تم على نطاق جغرافي ضيق ومحدود، كما أن نجاحه غير مضمون، واستخدمت الصين عام 2008م تقنية تفريق السحب عند افتتاح الأولمبياد، وتستخدم روسيا هذه التقنية ثلاث مرات في السنة في احتفالات يوم النصر ويوم المدينة ويوم روسيا، بل إن هناك شركة روسية خاصة تدفع الدولة لها 6000 دولار أمريكي فتقوم بتفريق السحب فوق منطقة مستهدفة يراد فيها إقامة احتفالات دون سقوط مطر أو ثلج. وختم المسند قائلا :" لا تزال طرق تفريق السحب بدائية وتحت التجربة ،ونتائجها غير مضمونة، وفي الوقت نفسه محدودة المساحة، وهي شبيهة بطريقة الاستمطار ولكنها أصعب، ولا تنجح إلا مع السحب الصغيرة أو المتوسطة إلى حد ما .. هذا والله أعلم".