عندما يكون ثمن الطعام ، وتكاليف المعيشة والسكن في حالة صعود مستمر لا ندري متى سيقف ! وعندما تكون معظم السلع الأساسية والأدوية محتكرة لمجموعة صغيرة من التجار وعندما تتغول التكتلات التجارية والوكالات الحصرية وأنماط الاحتكار المتستر في بنية الاقتصاد . وعندما يفتقد الناس لثقافة استهلاك قادرة على توجيه سلوكهم بما يخدم مصلحتهم . وعندما لا يوجد مؤسسات مجتمع مدني مستقلة تقوم على حماية حقوق المستهلك . وعندما تنشغل ماكينة الاحتساب والفتوى الشرعية بالكثير من التفاصيل والقضايا الهامة أو الهامشية لكنها تتجاهل قضايا الاقتصاد والمعيشة في خطابها الشرعي حتى لا تكاد تسمع عن أحاديث تحريم الاحتكار والغلول والرشوة وفي المقابل لا يتوقف الحديث عن تشقير الحواجب و قيادة المرأة !!! في ظل كل هذه المعطيات لن تحتاج إلى خبير اقتصادي أو محلل مالي ليخبرك عن ما يعانيه الناس وهل الراتب يكفي أو لا يكفي ! وحقيقة الأمر فإن الناس عندما يتفاعلون مع هاشتاق ( الراتب لا يكفي ) فإنهم يحاولون أن يعبروا عن وضعهم بطريقة لبقة ، ويبحثون عن تحسين وضعهم المعيشي بأي طريقة .. ( الراتب لا يكفي ) لا تعني أن الناس يطالبون بزيادة الرواتب فقط ، إنهم يقدمون صورة مجردة للمشكلة . إنهم يعبرون عن ولائهم وثقتهم وهم يقدمون الصورة الحقيقية ، ويؤملون بالحلول ، ويعبرون من خلال هذا الصوت عن يقينهم بحرص قيادتهم على تحسين ظروف معيشتهم ، لأن الناس لا يعرضون حاجتهم إلا لمن يتوقعون أنه يهتم لأمرهم ويعنى بهمومهم ومشكلاتهم . كنت ولا زلت أتابع تطورات هذا الوسم ، وآمل خيراً ؛ ولكن أكثر ما يغيضك هو أن ترى محللاً اقتصادياً متشبعاً يقول إن زيادة دخل المواطن ستذهب إلى جيوب التجار !! وكأننا نعيش في بلد يحكمه ويتحكم به التجار !! وكأننا يجب أن نستسلم لجشعهم ، أو أن نتناسى واجب الجهات الحكومية في حماية الناس والسعي لفك الاحتكار ومراقبة الأسواق .. و يؤلمك من يتوسد المال و يتقلب في رغد العيش .. ثم يأتي ليلقي المواعظ في حسن التدبير و الاقتصاد .. يؤلمك أن يتحدث المصابون بالتخمة باسم الجياع .. يؤلمك أن يسمى حديثك عن همومك فتنة !! نعم ؛ إن تدبير المعيشة نصف الرزق.. لكن من حق الناس أن يستمتعوا.. ومن حقهم أن يحصلوا على دخل عادل.. وليس من حق أحد أن يحتكر معايير تحديد ماهو عادل أو غير عادل . !! أحمد بن عبدالله أباالخيل