التحقيق الذي كشفت فيه «الشرق» عن دراسة تؤكد أن ثلاثين تاجراً يحتكرون نحو 45% من السلع الرئيسة في السوق السعودية، كان صادماً بالنسبة إليّ، ويدل دلالة قطعية على الاحتكار، وسهولة التآمر على المستهلك، عند الرغبة في رفع الأسعار. كنّا، فيما مضى، نُلقي باللائمة على «وزارة التجارة»، ولكن بعد أن تكشّفت هذه الحقيقة، لا يمكن، حتى، لعشر وزارات «تجارة» أن تكبح جماح تلك السوق، والسبب هو الاحتكار الذي يُمارَس على الناس، وبمباركة من الغرف التجارية. ألا يعلم أولئك التجار المحتكرون، الذين يُقدَّم على موائدهم ما لذّ وطاب، وبشكل باذخ، أن غيرهم من (الغلابة) لا يجدون ما يسدّ رمقهم؟ خصوصاً في مجتمع يستحي فيه أكثرهم أن يبدي حاجته، إمّا من التعفّف، أو من الخوف من نظرة المجتمع. اقترحَ أصحاب الدراسة، للقضاء على ظاهرة الاحتكار، إنشاء شركة مساهمة تمتلكها الدولة، ويُسهم فيها المواطنون، وتقوم باستيراد السلع الرئيسة من الأسواق العالمية، أنا أُؤيد هذا الاقتراح، ولكن بلدنا قارّة مترامية الأطراف، لا تكفيها شركة واحدة لمثل هذا الغرض، الأمر الآخر، يُخشى أن يتسلل إليها الاحتكار من أبوابها الخلفية، ونعود في ذات الدوّامة، والحل، من وجهة نظري، يكمن في نظام رادع، يُطبَّق، بصرامة، للقضاء على الاحتكار. مع وجود هذا الاحتكار، لا يمكن أن تتحسّن أحوال الناس، مهما قُدّم لهم من مساعدات أو زيادات في الرواتب، لأن المستفيد الأول والأخير هم أولئك المحتكرون. الأمر هنا يا سادة ليس حرية التجارة، بل إنّه الاحتكار!