إن المتأمل لواقع الصم بصفة عامة وواقع العمل لهم بصفة خاصة يجد أن الصم مرهونون بأعمال مخصصة ومقننة، وتجد من ناحية أخرى أن المجتمع قد ألف وظائف محدودة للصم ويعتقد مع الأسف أنهم لا يجيدون غيرها. بينما لو أمعنا النظر في الصم بين الواقع والمتوقع لوجدنا أن هناك شبه أحادية العمل للصم للمتعلمين وأخرى لغير المتعلم منهم، من الطبيعي أن يتبادر الذهن إلى أن الصم يعملون بالحاسب الآلي فقط وتضاف للنساء الصم بعض الأعمال الخاصة بهن وأنهم مبدعون وأذكياء وإلى غير ذلك من النظريات الأولية لهم. ألا يجب علينا أن نعزز و نسعي على إيجاد أعمال متفرقة تتناسب مع الصم وتحصيلهم المعرفي وإدراكهم التفاعلي ليكون لهم عطاءات وإبداعات بالمجتمع تحمل بصماتهم من غير مجاملة ويحاسبون بعملهم تأييدا أو نقاشا أو تقويما لتستمر فاعليتهم بالمجتمع ويكونوا فعلا أعضاء مكملين بالمجتمع فما الإعمال التي يجيدونا حتى نعزز لهم حقوقهم فيها.؟؟ هنا لن نسرد الأعمال ولكن لنجعل هناك أطر وقواعد ننطلق منها حينما لا نقترح مجالا للعمل لهم سواء رجالا أو نساء من البديهي أن ندرك واقع الصم التعليمي والتركيب المعرفي له حيث أن الثروة اللغوية لديه اقل من العاديين نظرا لتأثير الإعاقة السمعية عليهم، لذا لابد أن تعتمد غالبية أعمالهم على المحسوس والمرئي والمدرك بلا تعقيدان لغوية. فقد أكد "ميثاق حقوق الأصم في الوطن العربي"، الذي طُرح مشروعه لأول مرة في المؤتمر العام الخامس للاتحاد في عمان بالأردن، عام 1986، وشهد النور عندما أقره الاتحاد بشكله النهائي في عام 1992 على كافة عناصر ومتطلبات بناء بيئة ممكنة للأشخاص الصم وخاصة المادة السادسة منه التي تنص على حق الشخص الأصم وضعيف السمع في الحصول على الأمن النفسي والصحي والاجتماعي والاقتصادي وبتوفير فرص التدريب له وربطه بالتأهيل على مختلف الأعمال والمهن الملائمة لدرجة إعاقته، وتأمين العمل المناسب الذي يتلاءم مع قدراته إن جميع الأعمال التي تعتمد على المحاكاة والإبداع التكنولوجي والفني والمواهب المرئية هي من قامات أعمال الصم التي يجب أن تعزز ويبحث عن حقوقهم ففي المادة 27 حول العمل والعمالة والتي منها: - حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ظروف عمل عادلة وملائمة، على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك تكافؤ الفرص وتقاضي أجر متساو لقاء القيام بعمل متساوي القيمة، وظروف العمل المأمونة والصحية، بما في ذلك الحماية من التحرش، والانتصاف من المظالم؛ - كفالة تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم العُمالية على قدم المساواة مع الآخرين؛ - تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول بصورة فعالة على البرامج العامة للتوجيه التقني والمهني، وخدمات التوظيف، والتدريب المهني والمستمر؛ - تعزيز فرص العمل الحرّ، وتكوين التعاونيات، والشروع في الأعمال التجارية الخاصة؛ - تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص؛ وغيرها . ولقد استجابت معظمُ الدولِ العربيةِ ووقعت وصادقت على هذه الاتفاقية التي دخلت حيّز التنفيذِ في 3 / مايو 2008، وفيها تعترف الدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين؛ ويشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لهم في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمامهم، يسهل انخراطهم فيهما. وتحمي الدول الأطراف إعمال الحق في العمل وتعززه، وذلك عن طريق اتخاذ الخطوات المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات بما يتناس وقدراتهم. وأخيرا أحببت أن أبين عمل الصم رجلا ونساء يتسم بمميزات قد لا توجد عند غيرهم ،لعل من أهمها روح العمل الجماعي والمحافظة على الممتلكات العامة والحرص على إثبات الذات في مجال العمل . محمد بن إبراهيم العصيلي [email protected]