على مدى التاريخ كان النهج للأمم يسير وفق ميزان كوني هو العدالة ومن ثم تحديد الهوية والاتجاه وكان هذا المعيار هو نقطة التحول في الكثير من الأمم وعبر تاريخها: من نحن؟ كيف نكون نحن ؟ هل أصبحنا نحن؟ إلى أين ذاهبون؟ كيف سنذهب ؟ متى سنصل ؟ هل وصلنا؟ وحينما تتغافل عن تحديث هذه المعيار وتجديده لدى الأجيال المتعاقبة تتراجع الهمم وتنزع الثقة وتتشتت الجهود , وتظهر المصالح الضيقة والانتهازية والشهوانية, ويبرز من ليس لهم هوية واتجاه وتتعدد الآراء وتنتهك الحريات بالحريات , ويتحول الاتجاه من الرؤية للأعلى والأهداف العليا إلى أهداف لا تتجاوز خطى الأقدام, ونجاحات تافهة وقضايا صغيرة وتبرز كتيارات وتحصل على الدعم والضجيج, ويتشتت الجميع, ويغتنمها فرصة كل مستفيد ليمنع عودة البوصلة لهذه الأمة وتحديد من هي وإلى أين تتجه , ويظهر الظلم ويتعاظم وله من يبرره , بل ويكيفه كنوع من طبيعة بشرية وسمة متكررة, فيفرخ الظلم ظلمات وتسقط ورقة التوت الأخيرة وهي العدل بعد ضياع الهوية والاتجاه , وعند الأزمات تظهر كل هذه المعاني ويتصدر لها من كان معيار وصوله لمواقع الريادة هي الولاء وليس الكفاءة فتنهار بنية نظام هذه الأمة , بل تتهاوى بسرعة مذهلة, لا تستطيع حتى ترتيب طريقة خروجها من المشهد, وتتابع الاهتزازات الارتدادية وتصل أطرافها لينتهي تاريخها وتصبح أطلالا بعد أن كانت عيانا , وتصبح مزارا بعد أن كانت مقرا وهيبة وأمانا , هكذا قرأنا تاريخ الأمم وإمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس, وهكذا شاهدنا أمة الكتاب الأخضر و حسني وأبنائه والربيع العربي الثائر... إن البشر مهما وصلوا من قوة وجبروت وتجاهل للتاريخ والتمادي بالظلم وعدم تحديد الهوية والاتجاه, لن يفلتوا من سنة الله في أرضه ... مالك الملك سبحانه, وسنرى بإذن الله في بشار ونظامه عبرة. همسة : القضية ليست صعبة ... وكل فرد له من سؤال الأمم نصيب, فقط بدلا من نحن : من أنا. د. سلطان بن فيصل السيحاني [email protected]