عواطفنا الجياشة كالماء السلسبيل تنهمر القطرات المتحدر من الأعالي بقوة وإقبال وانهمار وبهذا الزخم والعنفوان تكون عواطفنا ومشاعرنا الداخلية ومشاعر من حولنا من الصحبة والاهل و القرابة , من العملاء والأخلاء والأحبة . وعليه فيخرج لنا هذا المفهوم الهام والضروري والذي يتحدث عن ادارة المشاعر وضبط العواطف والتحكم بالوجدان والرشد والتوزان في التعامل معها فهي من أهم سبل التواصل بيننا وبين الاخرين ومن ابرز طريق التعاطي مع محيطنا الإجتماعي العامر وعبر ذلك كله نكون قربين و محبوبين ومقنعين لدى الاخرين , ومع هذا كله نستطيع أن نتواصل مع الجميع بشكل إيجابي وفعال ومجدي يجعلنا نعيش حياة هانئة ومستقرة وجميلة . وهنا يلح سؤال في الظهور و هو : كيف ندير مشاعرنا ؟؟ وهو سؤال مشروع وهام لنا جميع فكم من الاصدقاء فقدنا ومن الاقارب خاصمنا وكم من الوالدين عقينا وكم من الازواج والزوجات طلقنا وكم من الأولاد عقدنا ونفرنا وحطمنا وكل ذلك واكثر بسب عدم قدرتنا على ادارة عوطفنا ومشاعرنا بشكل ايجابي ونافع وسيطرة اللحظات الحرجة على منطقنا والفاظنا وفشلنا في كبح جماح مشاعرنا السلبية والتمتع بقدرة عالية على احتواء الآخرين واستيعابهم حتى في حال الخطأ والزلل رغبة في حل المشكلات لا رغبة في تدمير اصحابها والإساءة إليهم والنيل منهم . ومن اهم الاشياء التي أريدكم ان تعرفوها عبر هذه الاسطر هو قضيتين أساسيتين الاولى / كيف ادير مشاعري الداخلية واضبط ايقاعها واحكم انفعالاتها التي قد تكون مهلكة وضارة . والثاني / متعلق بالآخرين وكيف اتعامل معهم بحب وسلام وايجابية واستطيع ان اتواصل بشكل جيد مع الاخرين وايضاً كيف اتصرف معهم في حال انفعالهم العاطفي و الوجداني وثورة مشاعرهم التي تتمثل في مشاعر الغضب او العتب او اللوم او الزعل أو الغبن او سوء الفهم أو الكره وهكذا. علينا أن ندرك أن ضبط النفس هي من أبرز علامة القائد المحنك والشخص القادر على ادارة المجاميع وصنع القرار والتحفيز على النجاح والتألق وترك بصمة رائعة في محيطه , هي علامة من علامات المبدعين والمتألقين والطامحين وصناع القرار والعباقرة امثالك يامن تقرأ هذه الاحرف فلا يمكن أن تنجح في عمل او تفاوض او بيع او شراء او مقابلة شخصية أو تعامل مع الاخرين من غير ضبط لهذه المشاعر والأحاسيس وضبط النفس حال الغضب والانفعال وتذكيرها بالخسارة الصحية والحياتية عند انفجار هذه الشحنة العاطفية السلبية هنا او هناك فدوماً جرب أن تكثر من الاستغفار حال العضب وغسل وجهك بالماء وجرب تقنية التنفس العميق فتقوم بالشهيق بعمق والزفير ببطئ لعدة مرات , والاتجاه للصلاة عاجلاً وسوف تقوم بالارتخاء والعودة للوضع الطبيعي كما انني انصحك بالخروج سريعاً من المكان الذي حدث فيه التوتر و الغضب وتغيره والعودة له في حال الهدوء وهذا كله عزيزي القارئ لا يمنعك من اخذ حقوقك او التصريح بما يسوئك أو تريده من الآخرين ولكن تعلم أن تأخذ كل ما تريد بهدوء وحكمة وتعقل وبأقل خسائر ممكنة وعبر الحوار الهادي والذي لا يخلوا من الصراحة والرقي في ذات الوقت , فلا يعني أن ترتاح أن يتعب الآخرين ولا يعني أن تقول كلمتك أن تسئ للآخرين أو تخسرهم او تجرحهم وتكسر ما بني بينك وبينهم , فاضبط ايقاع مشاعرك واحاسيسك السلبية وتمكن منها قبل ان تتمكن منك واحرص بشكل كبير على ألا يبين ذلك عليك وأن تظهر أمام الناس بشكل متماسك ومسترخي وهي قوة تكسبها مع المران والمجاهدة , قال تعالى (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )) وفي المقابل كن ذكياً في ايصال مشاعرك الايجابية مثل الحب والامتنان والشكر والرضا والسرور والاحترام والاعجاب وابحث عن كل السبل والوسائل التي توصل هذه المشاعر الطبية الى من تخصهم واكد عليها وانظر الى حجم العمق الايجابي الهائل الذي سوف تحدثه في العلاقة بينكم . فمن علامات الاشخاص الايجابيين هو سيطرة المشاعر الايجابية على السلبية وسيادتها على النفس البشرية فكلما كنت من اولئك فأنت في الطريق الصحيح الذي به تنجح وتتميز وتتوسع علاقاتك وصدقاتك وفرصك في الحياة بكل تأكيد . وتذكر دوماً انه لا نجاح ولا تفوق ولا تحقيق للطموحات في الحياة الى مع الآخرين ومن خلال العمل الجماعي ولا استقرار أسري ولا عائلي أو نجاح تجاري أو دعوي أو مهني الا من خلال تطبيق هذه التقنيات والممارسات الايجابية والهامة والتي يغفل عنها البعض فيفقدون الكثير من الخير في الدارين ويتراجعون كثيراً في مارثون الحياة فيما غيرهم في المقدمة . * اثر الانفلات العاطفي على حياتنا انفلات المشاعر والعواطف وفوضى الوجدان لها اثار كارثية في الحياة فعندما نتوقف مع الكثير من احصائيات الطلاق أو حالات القتل أو العنف أو الجريمة سوف نجدها بسب هذا الانفلات وسيطرة المشاعر السلبية مثل العضب والتوتر والقلق والانفعال والرغبة في الانتقام على الموقف ثم بكل تأكيد تحصل الخسارة الكبرى التي ندفع ثمنها حياتنا ككل رغم أننا كنا نستطيع ان نتلافاها لو أدرنا تلك الدقائق واللحظات بحكمة وموضوعية وتعقل وحسبنا المغنم والمغرم والمصالح والمفاسد لتغيرت الأحوال والأقوال , فالعقل يجب أن يدير كل هذه المشاعر ولا يكون في مؤخرة الركب متفرجاً على هذه المعارك الطاحنة والتي نجزم بأن كلا الطرفين خاسر فيها ... كما أن تعلمنا للتسامح والصفح وحسن الظن بالآخر وتقدير ظروفهم هو مدخلنا الحقيقي لجنة العلاقات وخير تطبيق للذكاء العاطفي الذكاء العاطفي في السيرة ( قصة عائشة وام سلمه رضي الله عنهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضيوفه ) ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه وغيره: أنَّ أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها-، بعثت بطعام في صَحْفَة لها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وذلك في بيت عائشة، فجاءت عائشة -رضي الله عنها- بحجر، ففلقت به الصَّحْفة ( كسرتها )، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين فلقتي الصحفة،وقال: (كلوا غارت أُمُّكم، كلوا غارت أُمُّكم)، ثم أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحفة عائشة، فبعث بها إلى أمِّ سلمة، وأعطى صحفة أمَّ سلمة أي المكسورة عائشة. ونرى كيف عالج الرسول صلى الله عليه وسلم الموقف بعدل وتعقل وتفهم غيرة عائشة رضي الله عنها وكيف وصل إلى ام سلمة رضي الله عنها رسالة الاعتذار وكان عليه الصلاة والسلام رابط الجأش على الدوام متحلياً بالحكمة والرشد وهو ولا شك اسوتنا وقدوتنا . قال الشاعر : أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم لطالما استعبد الإنسان احسان " محبرة الحكيم " الذكاء العاطفي : هو أن تضبط مشاعرك الداخلية من التبعثر والهيجان والإنفلات , وتجيد التواصل مع الآخرين بكل ذكاء وتأثير وإحتواء . سلطان بن عبدالرحمن العثيم مستشار ومدرب معتمد في التنمية البشرية والتطوير cct باحث في الفكر الإسلامي والسيرة النبوية الشريفة [email protected]