خلقنا الله وهو الأعلم بخلقه سبحانه .. وجعل مجمل كتابه المرسل روايات قصصيه ذات أحداث متسلسلة حتى يستطيع أن يجذب الأذهان بعد قراءتها لفهمها واستيعابها وإدراك ما تحتويه من أحكام وعبر ... ومن هنا ستكون بداية هذا المقال قصة واقعية حدثت في أحد المجمعات الخُبرية وتحديدا عند أحد بوابات هذا المجمع لشاب فقد الثقة في مجتمعاً ذو وعود كاذبة وحلول وهمية .. واليكم ماحدث.. كعادته كفتى ذو تربية تميزت بالتواصل الأسري والغيرة الأخوية يرتاد الأسواق مع والدته وأخواته .. وذات يوم وهو مقبل على البوابة الرئيسية لذلك المجمع رأى فتى يحاول جاهداً الدخول ولكن حارس الأمن منعه من ذلك بقوة متقيداً بالتعليمات التي تمنع وتحظر دخول الشباب لهذا المجمع .. وبالرغم من محاولاته والتي كانت تؤكد أنه حقاً يريد الدخول لغرض والخروج حتى قال لحارس الأمن أذهب أنت واستبدل مالدي وأنا لن أدخل ... ومع ذلك رفض التحرك من مكانه قيد أنمله ... فسُر ذلك الشاب وأدخل أخواته وهو يتمم ويقول بارك الله فيك وفي أمثالك ... ويقصد بالطبع حارس الباب .. انتهى ذلك التسوق وعاد بأهله للمنزل واستأذن للخروج مع صحبه ومازال في داخله ذلك الموقف الذي جعله مبتسماً ومبتهجاً وهذا حال ذوي الغيرة المحمودة ... وحين اجتمع بصحبه وذكر ذلك الموقف أمامهم تفاجأ بضحك الجميع بصوره هسترية ... و ماكان من أحدهم إلا أن قال له .. ( ومصدق أنت ) . فصمت وهو على ثقة بما رآه وسمعه ... وفي اليوم التالي أراد صاحبه أن يثبت له العكس فقرر أن يصحبه لذلك السوق حتى يرى بأم عينه الحقيقة ... وماأن كانا بالطريق حتى أتصل على صاحبه شخصاً قال له : أين أنت ؟؟؟ ألن تأتي للسوق .. استعجل سينتهي دوامي قريباً ؟؟؟ لايفوتك البنات اليوم أغرف وامش .. فقال له أنت على أي بوابة ؟؟ فحدد لها البوابة والفتى في حالة ذهول من أن هذا الموقف مكذوب .. حتى كان ماكان وتوقفت السيارة عند بوابة معينة وانتظرا لحظات حتى خلت من المارة فأعطاهما الإشارة ... فدخلا للمجمع ليتم اصطياد الفرائس ... وحين وضع قدمه في المجمع اهتزت أركانه مما سمع ورأى وترك زميله معتذرا أنه يريد غرضاً ما وسيعود وذهب من فور لخدمة العملاء وذكر كل ماحدث وأشار إلى البوابة وذكر اسم الشخص المعني لعله بذلك يستأصل بؤرة فساد في ذلك المكان ... فتفاعل معه الموظف ووعده بحل الأمر بل وقال له .. لن يكون له مكان بيننا أن شاء الله ... فخرج من باب آخر عائداً إلى منزله وهو يحمد الله على أنه قام بفعل صائب لحماية تلك الفتيات خاصة أن له أخوات ... وماهي إلا أسابيع وعاد لذلك المجمع وكانت صدمته حين رأى ذلك الحارس مازال في مكانه يُدخل العوائل ويستبيح حرمات فتياتهم بالنظر إليهن وجلب الذئاب لاقتناصهن فثارت حميته وعاد بأخواته للمنزل دون أن يذكر الأسباب .. وفي داخله كان بكاءً مراً على تلك الوعود الكاذبة والحلول الوهمية والتي أدرك من بعدها أنه مهما كانت الفتاة حريصة على أن لاتمس بأي أذى فهناك من سيتعقبها حارماً إياها أمان التسوق وراحة الحركة .. وكأن هذه الأسواق ماهي إلا مغارة علي بابا الممتلئة بالمجوهرات النفسية الغالية وحولها الأربعين حرامي ( حارس ) والذين بدل أن يحرسوها ... استباحوها وسمحوا بسرقتها وتلويثها وانتهاك حرمتها ... وأصبح من المفروض على ولي الأمر حين تعبر فتياته الباب أن ينظر بعين ذلك الحارس حين يرى أين هي بالضبط ... فقد يكون من بالداخل هم الأُمناء بعد هذا لاأستطيع ألا أن أقول .. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : متى الساعة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة». قال: كيف إضاعتها ؟ قال: «إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة». (البخاري حديث 59) . وما هذه إلا صورة من صور تضييع الأمانة والتي أن تحدثت عنها لن يقف القلم أبداً ... فهل يكفيكم هذا . بقلم / هند بنت مقبل المسند