على غرار جمعية الحمير( كرمكم الله ) في كردستان العراق والتي جعلت منه رمزا في تأسيس الجمعية التي تقوم على أسس تعاليم ذلك المسكين الذي يعمل بلا كلل ويسمع بلا ملل لا يشتكي ولا يبكي , فأنشؤا تلك الجمعية لتكريمه والعناية به , وقد يستغرب القارئ عن سبب الحديث عن جمعية بهذا الاسم , والغاية من ذكرها أن هناك جمعيات في دوائرنا الحكومية تُدار بنفس الفكر والتوجه ولكن بنظرة وطريقة عكسية . ففي مجتمعنا الوظيفي تنتشر في بعض دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية جمعية أبشر. وقد تختلف عن جمعية كردستان من ناحية الاسم والقدر ولكن الهدف والأسلوب تتشابه ولكن بطريقة عكسية ( ولقد كرمنا بني أدم ) والفرق بين هذه الجمعية وجمعية الحمير في كردستان أن الثانية تقدر الحمار وتحترمه لعمله وتعبه والأولى تدّك الموظفين الضعفاء وتستغل تعاونهم لمصالح تسيير العمل على حساب موظفين أقوى لا يلتفتون للإدارة ولا للنظام شعارهم : (غياب وتأخر يجعل عملك سهل ميسر ), لأن الضعفاء سيقومون بالعمل عنهم بإشراف قادة تلك الجمعية . ولعل تقدير الموظف حضر هناك وغاب هنا . (التقدير ليس منحة من كبير إلى صغير أو من رئيس إلى مرءوس , ولكنه حق في المجتمعات الصحيحة ) برتراند راسل ومن يتمعن تلك الجمعية المتسلطة يجد فيها مراتب قيادية تقرر وأخرى تنفذ , وتتكون من / ظالم أول في مرتبة مدير , ظالم ثاني في مرتبة رئيس قسم ,مظلوم أول في مرتبة موظف متعاون , مظلوم ثاني في مرتبة مستخدم . ولتلك الجمعية أنظمة خاصة تدار من منطلق الحب والكره والتميز ( الحُب والكُره ليسا أداة الحكم على البشر وإنما العلم والصدق والحقيقة والبُعد عن الأهواء الشخصية هو الحَكَمَ ) مينا ملاك عازر فشعار الجمعية : أحضر وقل حاضر وعقيدتها : نعم واجبة - لا محرمه عملتها : اسمع وأطع ولا تناقش عقوباتها : تصدر للمظلومين فقط وهي : التكليف بأداء أعمال الآخرين لتسامُحِك – عدم السماح بالاستئذان والتشدد في منح الإجازات للاستفادة من تواجدك- حرمانك من الدورات والانتدابات لحاجتهم إليك . ( القرارات نصوص جافة تُطبق على نفوس بشرية ,لذا وجب عيك أن تدرس رد فعلها النفسي أولاً ) مفيد فوزي قوانينها : الموظف القوي والمماطل لا تشمله العقوبات – الموظف المظلوم يقابل بالمِنّة والالتزام بالتعاون القسري من طرف واحد . يقول الإمام الشافعي : لا تحملن لمن يمن من الأنام عليك مِنّة منن الرجال على القلوب أشد من وقع الأسِنة وإذا أردت أن تخرج وتنشق من تلك الجمعية فعليك أن تكون موظفا قويا حتى لا تشملك العقوبات , وعلامة تلك القوة أن تكون كثير الغيابات والاستئذانات والتأخر في إنهاء المعاملات , لان موقف تلك الجمعية من ذلك الموظف القوي : ( كثر الله خيره انه حضر ) ( التقدير مكافأة معنوية لها فعل السحر وعلماء الإدارة يفطنون إلى أن عدم التقدير يؤدي إلى عُقم العقول ) مفيد فوزي قد يتصور بعض مدراء الأقسام أنهم هم المعنيين ولكن أقول ( إللي على رأسه بطحا يتحسسها ) أما الواثق من عمله وتوزيعه للمهام بالتساوي وعدم هضم حق أحد فلن يكون ممن قام وأسس تلك الجمعية البغيضة باسمها وقوانينها الموجهة للضعفاء ( المتعاونين من الموظفين المخلصين ) ( الشئ الوحيد الذي يمكن أن يفخر به الإنسان هو حُبه للحق والإخلاص له سواء كان ذلك يسر البعض أو يغضبهم ) جون لوك . بقلم : الكاتب / تركي بن فائز الحقباني