هو مشّكل العقول وموجه الآراء وطارح التساؤلات وسابر أغوار القضايا والأحداث .. كميراته تلاحق الأخبار.. ومراسلوه يتابعون التحولات والمسببات .. ومحللوه يفسرون المتغيرات وردود الأفعال ويطرحون النتائج والتنبؤات . إنه الضيف الذي يدخل بيتي وبيتك بلا استئذان ويبث الساعات تلو الساعات موجهاً الرسائل وراء الرسائل إلى كل أطياف المجتمع بلا استثناء وبلا استحياء . بكل ألوان الطيف يرسل ويبث ويخرج ما بجوفه كل يوم بل كل ساعة بل كل دقيقه .. ثقافات مختلفة .. وتوجهات متضاربة .. ومشاريع متضادة .. ولكن في النهاية كلهم يتنافسون عليك أنت .. نعم أنت وحدك ولا أحد سواك . هنا نقف نحن أمام عقول تستقبل وأرواح تتشكل وقناعات تصنع وثقافة ترسم وتوجه عام يراد من كل هذه المنظومة الكبيرة !! تنقسم المجتمعات هنا وأمام هذه الأدوات إلى مجتمعات واعية وعميقة وبيدها الاختيار وتسيطر على كل مايدخل عقولها وتحرص دائما على الفائدة والنفع بالإضافة إلى الترفية والتسلية التي لا تضر , وأخرى مستسلمة لكل ما هب ودب من الطرح بل تابعة ومؤيداه لرأي المحيط الاجتماعي أو الأغلبية .. وهنا يكون أثر التسطيح وغياب الشخصية والخلفية الأخلاقية قد بان واستبان في اختياراتنا الإعلامية وممارساتنا السلبية لهذه النعمة الكبيرة التي نستطيع أن نصنع وننتج من خلالها الجيل المبدع والناجح والمثقف والمفكر والمخترع والمحاور البارع والإداري المميز والقائد الهمام والمرأة الصالحة النافعة للمجتمع والأب الفعّال والأم والإيجابية والمسئول الصالح والمواطن البار والمخلص والمقدر للمسئولية . . وهنا يكمن الاهتمام في تكوين الفلتر الداخلي و جهاز الاستشعار الشخصي لكل فرد منا .. حيث أن اختياراتك الإعلامية هي عنوان عقلك وحياتك ومستقبلك ونتاج أسرتك .. فكل ما كان الاختيار رصينا وعاقلاً ومفيداُ كلما كانت الإضافة كبيرة والمردود عظيم والمستقبل مزهرا بأذن الله والعكس صحيح , فلن تقارع الأقوياء والحكماء والعظماء والناجحين والبارزين والمتألقين في كافة الميادين وأنت تضيع وقتك أمام ما لا يسمن ولا يغني من جوع من البرامج الهابطة والساذجة والسطحية التي تخاطب شهواتك ونزواتك وغرائزك والمراهق الذي بداخلك الذي لن يموت إلا إذا أعلنت الرشد بنفسك وكنت حازما في ذلك . وهنا سوف تكون أفضل الناس حالاً وأحسن أقرانك مقالاُ واهلك فكرا وحياتاُ .. فكلما حرصت على ما يخاطب عقلك المتشوق للعلم وروحك المتشوقة للإيمان وحياتك المتشوقة للبصيرة و حسن الإدارة وعلو الهمة ووضوح الرؤيا وعظيم الطموح وكبير الأحلام . .أين أنت من هؤلاء ؟ وكيف هو حالك أمام هذا السيل من القنوات وساعات البث اليومية التي لا تفتر ولا تكل ؟ أين أنت من إعلام يدعو إلى الفضيلة في النهار وينقلب داعياً إلى الرذيلة في الليل !! أين أنت من قرابة 22 % من القنوات العربية هي قنوات رقص وغناء , وعرض للأجساد وتعليم للفساد وترويج للانحلال والعهر والعري باسم الحرية !! أين من إحصائيات تؤكد أن الإكثار من مشاهد الجنس والمخدرات والعنف والتدخين والخمور في بعض الأفلام والمسلسلات والدعايات هي مقصوده لتطبيع النفس على ذلك وتعويدها عليه !! أين أنت من محاولات التشكيك بالثوابت والمسلمات والعقائد والأخلاق والقيم وضرب طهر المجتمع وسلامة مقصده ومعاشه واستقامة حاله ومحتواه . هل أنت المشاهد الرشيد العاقل الذي تبحث في اختياراتك عن من يخاطبون عقلك وقلبك وروح ووقت فراغك بكل سمو واحترام لإنسانيتك فالإنسان كرمه الله عندما خلقه ونفخ فيه من روحه ومتعه بنعمة العقل على سائر المخلوقات وسخره لعمارة الأرض بكل خير وإحسان وخلق واستقامة .. فإن حاد عن الطريق او انحرف سقط بشر أعماله وأفعاله . ابحث عن كل من يحترم حياتك وأسرتك ومشروع عمرك و دينك وقيمك في الحياة وثوابتك التي لن تتنازل عنها لأحد .. وابحث عن كل من يخاطبك بخطاب أخلاقي راقي ولا تبحث عن من يريد أن يستغلك أو يستدرجك أو يسلب منك إرادتك فهي إن ذهب بعضها ذهبت كلك .. وشجع في من حول الاعتزاز بالقناعات الإيجابية في هذا الباب وأن يكونوا خط الدفاع الأول عن الفضيلة في كل مكان فهي صمام الأمان ولاشك . من محبرة الحكيم \"قديماً قال سقراط \" تكلم يا هذا .. أقل لك من أنت \" وحديثاً نقول ماذا تشاهد يا هذا .. أقل لك من أنت سلطان بن عبدالرحمن العثيم مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات ّCCT عضو المؤسسة الامريكية للتدريب والتطوير ASTD [email protected]