يدور في رحى الإعلام معارك كلامية بين فينة وفينة،أطرافها في الغالب من صفوة المجتمع.. هؤولاء الذين يريدهم العامة أن يكونوا لسان حالهم أمام المسؤولين.. ولكن تتفاجأ بهم وهم يحاولون وبشتى الطرق اختصار هموم ومصاعب الناس في مواضيع حساسة،غض الطرف عنها لن يضر المجتمع على المدى القريب،كما هو التطرق لها حالياً لن يفيد كثيراً بالنظر إلى وجود الأهم. فهناك البعض منهم يحاول كثيراً إن بقلمه تارة أو باستضافته تارة أخرى عبر برنامج (مُوجه) لإقناع الجميع أن السبب الرئيس لتخلف مجتمعاتنا هو لأن نصفها معطل وهو يقصد بهذا العطل المرأة التي لاتقود المركبة ولا تختلط مع الرجال في آماكن انفصال الرجال فيها عن النساء لايضر ولا يؤخر المجتمع،ولكنهم يريدون إقناعنا ولو بالقوة الإعلامية! بأن هذا رجعية! وبأنه طريقة من طرق ظلم المرأة!، هذا الظلم لمجرد أنها لاتقود (المركبة)، ولا يُختلط بها!! والشاهد من هذه المطالبة (قيادة المركبة والاختلاط) وليس المرأة! بحد ذاتها!، لأنه لو كان يقصد مصلحة المرأة فقط!، لابتدأ بتلك التي تكتفي عنوة براتب ضئيل من مؤسسات أهلية تعليمية أو صحية أوغيرها تتفنن بالتحكم والتلذذ بعصرها! مقابل الفتات!، والوزارات المعنية تتفرج على هذا الوضع المخزي!، أو لو كان يقصد نصر المرأة المظلومة فعلاً،لابتدأ بخريجات الجامعات التي وصل نسبة العاطلات منهن إلى 78% وهذا بحسب آخر تصريح لنائب وزير العمل الدكتور عبد الواحد الحميد. فبالله عليكم أيهم أولى بالطرح البطالة التي تنتظر خريجة الجامعات والمعاهد، وإيجاد فرص وظيفية أفضل للمرأة الموظفة، أم السماح لها بقيادة مركبة لاتملك قيمتها!، وكأنه يريد فقط! (تكحيل عيناه) بالإشارة المرورية! وكفى. في برنامج مستحدث! في أحد القنوات! قاطع المقدم سؤال \"مساعده\" في الحوار بشكل همجي! ، وكان سؤال هذا المساعد لضيف البرنامج والذي يعتبر من (الصقور الذين يختزلون هموم المرأة بالقيادة والاختلاط ) يتمحور حول : حماسته الدائمة والواضحة لقيادة المرأة ، والعمل في بيئة مختلطة ، بينما لا نرى ذات الحماسة في مناقشة قضايا المرأة المطلقة ، والأرملة ، وكبيرات السن الآتي يتزاحمن في طوابير الجمعيات الخيرية !! فتمت مقاطعته من قبل المقدم الأساسي \"مدير الحوار\" بحجة أنه خرج عن نطاق الموضوع!! بينما قد تكون الحقيقة أنه خرج عن التوجهات التي تريدها إدارة القناة من مثل هذه البرامج!! ويبدؤ أننا سنفتقد هذا المساعد مرة أخرى في أي برنامج مقبل،لأنه تجرأ وتحدث بلسان الشارع! لا لسان البرامج الموجهه!!. لايمل هؤولاء من أن يربطون تخلفنا بهذين الأمرين فقط!، وقد نصدقهم لو كانت الشعوب العربية التي حولنا والذين يشرعون الاختلاط والقيادة،(البعض منهم) منذ أكثر من نصف قرن تقريباً قد غزوا أورباء بالصناعات الثقيلة، و لو كانوا كذلك! لربما تأكدنا أن عدم الاختلاط وقيادة المركبة لها دور في تخلفنا نحن بالذات!. في الغالب أن من تجاوزنا بمراحل فإنما لأسباب مصيرية في حياة الدول يجعل إنتاج شعوبها ملاحظ للجميع فالغرب متفوق علينا لتفوقه التكنولوجي والعلمي،وليس بسبب اختلاط رجالهم بنسائهم والسماح لهن بقيادة المركبة، كما يحب أن يصور ذلك البعض فمخرجات التعليم لديهم مقارنةً بالمخرجات لدينا!جعلتهم السباقون نحو التقدم والرقي،وبمعنى أدق هم في تعليمهم يراعون النقص أن يكمن،فيسلطون التخصصات والمناهج لمراعاة هذا النقص، أما لدينا فليس هناك دراسة لحاجة سوق العمل من تخصصات والدليل على الأرض أن 70% من تخصص الجامعيين ينحصر في تخصصات أدبية أو شرعية، وبالكاد تجد 30% تخصصهم علمي، مما يجعل الوطن بحاجة لأيدي من خارج البلاد! تسد هذا النقص،وتجدنا نغبط تلك الأقطار التي ترسل لنا الأيدي العاملة في التخصصات النادرة بأبنائها الأفذاذ،بينما كان من الممكن أن يكون لدينا مثلهم،لو استطعنا تلمس احتياجات سوق العمل منذ أن كانوا طلاباً مبتدئين ،وكل ذلك يمر مرور الكرام على هوؤلا النقاد فلا يتطرقون لهذا الأمر المفجع! تعليمياً!ومستقبلياً، لينتقدوه ويشرحوه، بل أنهم حينما يمرون على هموم التعليم معنيون فقط! بمتى يتم السماح باختلاط الطلبة بالطالبات! في قاعات الدرس!، وكأن هذا هو مفهومهم الوحيد لتطوير التعليم، رغم ثقتي أن مفهومهم أوسع من ذلك بكثير!، وكأنهم بذلك يُشرعون، لمن يتهمهم بأن لهم أجندتهم الخاصة!، وان هم تجاوزا هذه المسألة،فبالكاد تجدهم يطالبون بتطوير المناهج الشرعية فقط! ، رغم أن الإشكالية! الرئيسية هي (بالمواد العلمية!) والتي يدرسها الطالب من بداية المرحلة المتوسطة! ولكنه يتفجأ بنهاية المرحلة الثانوية! أنه لم يتقنها! أو لم يفهمها جيداً! إما لرداءة المقرر أو لتواضع مستوى الملقي!،مما يجعله يختار التخصص! الذي فهمه وتشربه جيداً في المنزل قبل المدرسة،ليختصر الطريق نحو الحياة العملية. المصيبة الأكبر أن نسبة ليست قليلة من هؤولاء المتخرجين لاتستشف بنفسك أنهم جامعيون! إلا عندما يخبروك بذلك! وذلك للأسف لضحالة ثقافتهم العامة من جهة وندرة اطلاعهم! حتى على ماهو من صميم تخصصهم! خارج مقرراتهم! من جهة أخرى،وهذا الأمر كما أسلفت يمر مرور الكرام على النقاد والمهتمين بتشريح سلبيات المجتمع. الأصل في التعليم هو (العلم والاطلاع والإدراك) وبعد ذلك الإنتاج المهني والعلمي فمثلاً لو جمعنا نسبة كبيرة من المتخرجين من جامعاتنا ووفرنا لهم جميع الوسائل المساعدة لتأليف كتاب واحد يضاهي أحد مؤلفات المفكر العظيم عباس العقاد رحمه الله لما استطاعوا ولا حتى كتابة مقدمة بليغة لكتاب يتيم رغم أن العقاد لايملك أكثر من (الابتدائية) تعليماً رسمياً،ومع ذلك هو طور نفسه بنفسه فأصبح موسوعة ثقافية كبيرة مر على وفاته أكثر من أربعين عاماً ومازالت دور النشر تزين رفوفها بكتبه ، كذلك الفيزيائي \"أينشتاين\"لم يكمل تعليمه!،ولم يمنعه ذلك من أن يضع نظريته النسبية التي قام عليها التعليم الفيزيائي من بعده!!، وهذا الكلام لايعني البتة العزوف عن إكمال الدراسة ، بل هو دعوة لعدم اغفال تطوير الذات،وذلك بالغوص في بحر الثقافات المتعددة والمتاحة حالياً بصورة أيسر مما كانت عليه من قبل. كما أننا لانستطيع أن نتجاوز أن التعليم الرسمي مهم لدينا نحن خاصة ، لأنه أحد أهم أبواب الرزق!،هذا إن لم تُطور فيما بعد المناهج العلمية قبل الشرعية!، أما التعليم الذاتي فهو من يبني فرداً ملماً واثقاً من نفسه،يفيد ويستفيد من أي حديث مقتضب يطرح في أي مكان ما، أو حينما يطلب منه أن يدلوا بدلوه في مواضيع حساسة، مع إدراكه لكل الأخطار التي يمكن أن تؤثر على مجتمعه،فتجد الإدراك والتعقل حاضراً للفرد عند أي موضوع شائك،دون أن يتأثر بمن يملك الصوت الأعلى في محيطه. نحن في عصر تتسارع فيه الأمم التي حولنا نحو المجد العلمي والتقني والثقافي،ولابد أن يكون مركزنا غير متأخر عن تلك الأمم ومن أولى خطوات هذا التقدم! النظر لسلبيات الماضي وتشريحها خاصة التعليمي، لأنه (رأس حربة) التقدم والرقي وهذا مما لاشك فيه، كذلك على الجميع زراعة حب الاطلاع والتثقف الذاتي بين التلاميذ من قبل معلميهم وأولياء أمورهم،خاصة انه وبعد ظهور الانترنت وبعض من البرامج القيمة التي تقدمها القنوات الفضائية الجيدة،سُهل أمر الاطلاع والتعرف على المجهول، بدلاً من أن يضيع وقت الشباب (غير الموجه) بين منتديات الأندية وغُرف الدردشة! وقنوات ستار أكاديمي! والأستوديو التحليلي لمباراة الأنتر والبرشا الودية!. خلاصة القول: مواصلة التعليم ضرورة ملحة لكل فرد،وأنا كالجميع مؤمن بذلك، ولست هنا في وارد الضد من هذا،ولكني من خلال سطوري المتواضعة،أروم إلى تقدم وتطور مخرجات هذا التعليم،والذي للأسف لاتجد ممن يملؤن الفضاء والصحف يؤرقهم ذلك!،حيث أصبحوا منافحين ومجاهدين في سبيل تشريع الاختلاط بين الجنسين وقيادة المركبة بالنسبة للمرأة،وكأن المجتمع لاينقصه إلا هذين الأمرين! ليصبح من مصاف المجتمعات المتقدمة التي تملأ الاقتصاد العالمي كل يوم بمنتجها العلمي،والتقني،وعلى الجميع أيضاً أن لاينتظر التطوير السريع في مناهج التعليم،كي يصبح أكثر انتاجاً لمجتمعه،لأن الفرد يستطيع وبمجهوده الذاتي تطوير نفسه،قبل أن ينتظر من الآخرين القيام بهذا الدور. وقفة : إذا عجز القلب عن احتواء الصدق ، عجز اللسان عن قول الحق \" عباس محمود العقاد\" سلطان بن عبدالرحمن بن سليمان الفراج [email protected]