المرأة، وقيادة السيارة، والخروج من صحيفة «الجزيرة» والرد على وصفه بأنه كاتب استفزازي وعدائي، ورؤيته لكاتبة مثل «سمر المقرن»، وكل ما يشاع حول روايته «شارع العطايف» وصراعه «الفكري» مع تيارات مختلفة ورؤيته للمناهج التعليمية، وغيرها من المواضيع، يكشف عنها الكاتب والروائي السعودي عبدالله بن بخيت في هذا الحوار: لماذا يرى عبدالله بن بخيت نفسه خارج إطار بقية الكتاب، وبالتالي يعتقد أن الاختلاف مع التوجه العام هدف رئيس بالنسبة له؟ - لا أعتقد أنني أختلف عن الآخرين، فأنا مثلي مثل كثير من الكتاب على الساحة، يطرحون آراءهم، ويحاولون أن يدفعوا سقف الحرية أبعد وأبعد، وأظن أن هذه طبيعة أي كاتب، وليست قاصرة على «عبدالله بن بخيت» وحده. هل يزعجك الحفاظ على المرأة والحرص على أن يكون سفرها عن طريق محرم، أو قيادة سيارتها عن طريق سائق، أو عدم اختلاطها فصوناً لها ما العيب في ذلك؟ - العيب أنها وجهة نظر متشددة تحجر على المرأة، وتمارس ضدها سلطة قاسية، كما أن منعها من الاختلاط برهن كثير من العلماء على أنه من العادات والتقاليد، وبالتالي فهو مجرد خيار، يقبل به من يشاء ويرفضه أيضاً من يشاء. قيادة المرأة للسيارة ومنع الاختلاط أكبر همومك، أليست لديك هموم أخرى غيرها؟ - ليست قيادة السيارة وحدها هي أكبر همي بل هي حزمة من الهموم، فأنا أطالب بإعادة النظر في كثير مما يخص المرأة السعودية، وأطالب بإعادة النظر في احترام حقوقها، وفي منحها حرية اختياراتها، في سفرها، تنقلها، اختلاطها، لابد من منحها الحرية في تحديد اختياراتها، طالما كانت هذه الاختيارات لا تؤثر في الثوابت. انظر إلى الدول الإسلامية التي أباحت السفور والاختلاط وقيادة المرأة للسيارة هل تقدمت هذه الدول؟ هل أصبحت من الدول الكبرى؟ تقول ساخراً عن هذا السؤال انه (سؤال عظيم ومحرج) ما المثير للسخرية فيه من وجهة نظرك؟ - بالطبع هو سؤال مثير للسخرية والاستهجان، وليسمح لي القارئ بأن أعيد السؤال بصيغة أخرى، هل الدول التي لم تبح السفور والاختلاط تقدمت؟ هذه مسألة لا علاقة بينها وبين التقدم أو التأخر، فلا علاقة بالتقدم في أميركا، أو التأخر في موزمبيق بموضوع السفور والاختلاط وما شابهه. الحديث في الطب مثلاً نحترم فيه التخصصات، لماذا لا ينطبق الشيء نفسه على الأمور الدينية، ونترك الحديث عنها للمتخصصين؟ - أنا لا أتحدث في قضايا معقدة أو فقهية متخصصة، إذا كان لأحد حق الحديث عني فأنا كذلك لي الحق نفسه في الحديث عنهم أو عما يطرحونه. المناهج التعليمية محل انتقاد دائم بالنسبة لك، وغالباً ما تشير إليها في كتاباتك على أنها أحد أسباب التطرف، مع العلم أن المناهج نفسها هي التي يتخرج من خلالها أطباء، ومهندسون، وغيرهم في مختلف المجالات؟ - ليس اتهاماً مباشراً، بل اتهاماً بأن هذه المناهج تهيئ الجو والمناخ المناسب، لوقوع هؤلاء الطلاب في فخ الإرهاب والإرهابيين، مثال على ذلك حينما يتقدم الطالب للالتحاق بالكلية الجوية، يكون في تفكيره أنه سيصبح طياراً، لكن هل يتخرج كامل الطلاب كطيارين، الجواب بالطبع لا، كذلك حينما يقول أحد ان المناهج تؤدي إلى العزلة وكراهية الآخر وغير ذلك فهو في الواقع يتحدث عن تهيئة البيئة لإنتاج إرهابيين، لا أقصد المعنى المباشر لذلك، بل هي تساعد في تهيئتهم وتسهل اصطيادهم من الإرهابيين. المنطق يقول ان رأي الأغلبية هو السائد، وأنت تصر على التمسك برأي لا يمثل سوى عدد قليل من المجتمع، لماذا تخالف قانون المنطق، وتحاول أن تصور رأيك على أنه الصواب ورأي غيرك هو الخطأ؟ - الأمور التي يتحدث عنها الكتاب الجادون لا علاقة لها بالأغلبية أو الأقلية لأنها حقوق أفراد صودرت، انظر إلى آلاف العائلات التي تسافر إلى كل مكان من العالم تجدهم في لندن، وبيروت، والبحرين، وأي مكان تذهب إليه صيفاً يوجد به سعوديون، يتحدثون ويتنقلون بكامل حريتهم، الناس تسافر إلى هذه البلدان وغيرها طلباً لحياة جديدة، هؤلاء ليس أقلية، إنها حياتهم الخاصة، يجب ألا يصيغها الآخر مهما كان هذا الآخر، أنا مع المتطرفين أن يعيشوا بالطريقة التي يختارونها ولكن ليس من حقهم فرض سلوكهم وحياتهم على الآخرين بغض النظر من هم الأقلية ومن هم الأكثرية. «سمر المقرن» البعض يقول انها السبب الرئيس في أن القارئ لم يشعر بخروجك من «الجزيرة»؟ - أتمنى أن يكون ذلك صحيحاً، سمر كاتبة مميزة وتستحق التقدير وأتمنى لها التوفيق. في الكتابة لا يوجد منافسة، هناك زمالة توجب الاحترام، وكل كاتب له أسلوبه وطريقته في معالجة الأمور وله قراؤه. روايتك «شارع العطايف» استخدمت فيها لغة «خادشة» للغة العامة في الشارع السعودي، هل هي أصبحت سمة لدى بعض المثقفين السعوديين، حتى يوصفوا بالإبداع يقومون بتكسير ثوابت مهمة في المجتمع؟ - غير صحيح، «شارع العطايف» رواية إنسانية والذين قرأوا فيها بعض الملامح الجنسية هم في الواقع مرضى، لأن الجنس الموصوف فيها جنس مأزوم ولا يثير سوى أصحاب القلوب المريضة. وأسلوبك في كتابة مسلسل «هوامير الصحراء» الاستفزازي إلى حد كبير... هل من يعترض عليه في رأيك ايضاً «مريض»؟ - الذين كتبوا ضد «هوامير الصحراء» كتبوا في الواقع ضدي شخصياً، حتى لو كتبت قصة «أفيتار» فستصبح سيئة ورديئة لأنني كاتبها، عندما صدرت «شارع العطايف» هب خصومي من «الصحويين» الصريحين ومسانديهم من أصحاب اللحى الداخلية، قفزوا تاركين الكتاب ليتناولوني شخصياً، المسألة موقف فكري لا علاقة له بالفن.