مرحلة صعبة يبدو أن تجار العقار يعيشونها حالياً، بعد تهاوي أسعار عقاراتهم لمستويات قياسية، وذلك بعد فترة زمنية طويلة وصلت بها أسعار عقاراتهم لمستويات جعلت كثير من المواطنين عاجزين عن مجاراتها، في ظل استمرارية القوة الشرائية وكذلك الطلب ومحدودية العرض بفضل وجود السيولة التي أسهمت بتوفيرها البنوك المحلية لدعم شراء المساكن والأراضي، كما أسهم محافظة التجار على ثبات الأسعار ودفعها للإرتفاع في استمرارية الصعود. انخفاض الأسعار وكشف مستأجرون ل"تواصل" حقيقة انخفاض الأسعار بنسب متفاوتة، ففي حي الثغر وسط جدة، خفض أحد ملاَّك العقار سعر إيجارات شقق عمارته من 25 ألف إلى 23 ألف ريال سنوياً، وفي حي السامر شرقاً، قام أحد الملاَّك بخفض الإيجار من 23 ألف إلى 21 ألف ريال سنوياً، بينما انخفض سعر إيجار أحد المستأجرين من 35 ألف إلى 27 ألف ريال سنوياً بنفس عدد الغرف والمساحة، بعد انتقاله من حي الصفا إلى حي الرحاب شمالاً وكثير من الحقائق الواقعية التي تؤكد انخفاض الإيجارات بشكل واضح. صمود تجار العقار من الصعوبة بأن يعترف العقاري بحقيقة ركود السوق بالمجمل، سواءً كان ذلك عبر الشراء أو الإيجار للمساكن أو للأراضي، فلا زال الكثير منهم يعيش صدمة الواقع المؤلم، بحكم المتغيرات الاقتصادية التي تعيشها المملكة، وكذلك بعض القرارات التي تهدف إلى إعادة السوق العقاري لوضعه الطبيعي بعد سنوات من ارتفاع الأسعار، وكثير منهم، رغم الخسائر الكبيرة التي يتكبدها، إلا أنه لم يتخل عن الأسعار السابقة. سبب الارتفاع وأوضح المعماري والمهندس حامد بن بردي، رئيس مجموعة الهندازة للتصميم والبناء ل"تواصل" إلى أنَّ الارتفاع الجنوني للأسعار في العقد الأخير أخرج عقارات سكنية وتجارية باهظة التكاليف، وهو ما انعكس تلقائياً على أسعار الإيجارات، والتي بدورها تسببت في غلاء المعيشة، وإنهاك مداخيل المستهلك وأدت إلى صعوبة توفير تكاليف السكن المناسب تملكاً أو استئجاراً لمتوسطي الدخل، فضلاً عن أصحاب الدخول المتدنية، إضافةً إلى السبب الأساس لارتفاع الأسعار، وهو جشع كبار ملاَّك المخططات والأراضي والمضاربات والاحتكار في ظل غياب الوعي لدى المستهلك وإنعدام المؤشرات السعرية والمعايير المعتبرة التي تحكم حركة العقار. تباطؤ انخفاض العقار وأرجع بن بردي، سبب تباطؤ انخفاض أسعار العقارات إلى تمسك ملاَّك بعض العقارات بالأسعار القديمة للمحافظة على هامش أرباحهم وقيمة عقاراتهم السوقية إضافةً إلى إستمرار الطلب على المساكن والانخفاض الملموس في بناء عقارات جديدة، إلا أنَّ انخفاض بعض العقارات وصل إلى 20% برغم عدم انتظامه. مستقبل السوق والسعر العادل وأكد رئيس مجموعة الهندازة للتصميم والبناء، بأن التصحيح الذي حدث في سوق الأسهم وهوى بها من 21 ألف نقطة إلى 4 آلاف نقطة، سيحدث مثله في العقار لنفس الأسباب، كما أن أزمة الرهن العقاري التي اجتاحت العالم وهوت بالأسعار ونجا منها السوق في حينه لن تغلق ملفاتها بعد دون أن نأخذ حصتنا منها. وتوقع أن يكون السعر العادل للأراضي والعقارات، مقارنة بمتوسط المداخيل ومساحات مدن المملكة الشاسعة أقل من الأسعار الحالية بما يقارب 50%، معبرا عن اعتقاده باستمرار انخفاض الأسعار حتى تصل لتلك المعدلات، في ظل فرض رسوم الأراضي، وإبطال الكثير من الصكوك والعزوف عن الشراء وخروج الكثير من الوافدين بسبب رسوم المرافقين والتابعين وتوقف المشاريع. السوق العقاري والخسائر الفادحة بدوره، كشف الكاتب الاقتصادي عبدالحميد العمري، عن انخفاض قياسي في إجمالي قيمة صفقات السوق العقاري بنسبة 27.5% وذلك خلال الأشهر السبعة من العام الجاري بقيمة صفقات بلغت 38 مليار مقارنة بنحو 168.7 مليارا للفترة نفسها من العام الماضي. وقال الكاتب إنه بمقارنة إجمالي صفقات السوق العقارية خلال الأشهرالسبعة الأولى من العام الجاري مع الفترة نفسها من عام 2014 -ذروة السوق العقارية- والتى وصلت آنذاك إلى 273.8 مليارا خلال الفترة نفسها، مما يوضح تعرض السوق العقارية لخسائر فادحة وصلت إلى 151.5مليار ريال، أي ما نسبته 55.3 ٪ (انخفاض القطاع السكني بنسبة 55.5% وانخفاض القطاع التجارى بنسبة 55.0%).