اتجهت المعارضة الروسية أمس، نحو تصعيد تحركات الاحتجاج على نتائج انتخابات مجلس الدوما (البرلمان) بعد يومين شهدا اعتصامات في قلب العاصمة الروسية فرقتها الأجهزة الأمنية بالقوة بعدما احتجزت نحو ألف معارض. ودعا عدد من الأحزاب المعارضة في روسيا إلى تنظيم تحرك احتجاجي واسع النطاق بعد غد السبت، في خطوة هدفت إلى توسيع نطاق الاحتجاجات التي بدأت الثلثاء بعد مرور أقل من 24 ساعة على إعلان نتائج الانتخابات التي فاز فيها حزب «روسيا الموحدة» الحاكم بنصف مقاعد البرلمان الجديد. وبدا أن الخطوة تهدف إلى تصعيد الحراك الجاري خصوصاً أن الدعوة تضمنت إشارة إلى تنظيم فاعليات في مختلف الأقاليم الروسية بعدما اقتصر النشاط خلال اليومين الماضيين على موسكو وسان بطرسبورغ التي شهدت اعتقالات أيضاً، إضافة إلى اعتصامات محدودة في مدن صغيرة. وفي مؤشر إلى اتخاذ التحرك أبعاداً أوسع ظهرت أمس على شبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك» صفحات انضم إليها خلال ساعات النهار أكثر من عشرة آلاف شخص، حملت شعارات التحرك الجاري تنظيمه: «من أجل انتخابات نزيهة» و «ضد التزوير» و «ضد حزب اللصوص». وأعلنت أحزاب لم تشارك في التحركات الاحتجاجية السابقة عن انضمامها إلى الاعتصامات المنتظرة بينها حزبا «روسيا العادلة» الذي حصد نحو 14 في المئة من أصوات الناخبين، و «يابلوكا» الذي أخفق في تجاوز حاجز السبعة في المئة المطلوب لدخول البرلمان. كما أعلن أمس، الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف انضمامه إلى الحراك الجاري، وقال إن «المزيد من الروس لا يثقون بنزاهة النتائج المعلنة وتجاهل الرأي العام يشوه السلطة ويعقد الوضع»، مطالباً بإعلان الانتخابات باطلة وتحديد موعد لإعادة التصويت. وتواصلت الاعتصامات ليل الثلثاء – الأربعاء على رغم الحشود الأمنية والعسكرية الضخمة التي سيطرت على وسط موسكو وقطعت الطرق أمام انضمام مزيد من المتظاهرين، وقال معتصمون إن رجال الوحدات الخاصة اعتقلوا أكثر من 600 شخص خلال الليل ليرتفع العدد الإجمالي للمحتجزين الذين تم الإفراج عن بعضهم لاحقاً إلى ألف معارض بينهم شخصيات قيادية في المعارضة اليمينية الليبرالية مثل بوريس نيمتسوف رئيس حركة «تضامن» ونائب رئيس الوزراء السابق الذي كتب على مدونته: «نحن ملزمون بتغيير نتائج الانتخابات المزورة التي سرق فيها 13 مليون صوت ونحن ملزمون بإقالة ومحاكمة (رئيس لجنة الانتخابات فلاديمير) تشوروف». وزاد: «هم يعتقدون أنهم السلطة المسيطرة وسوف نثبت لهم أن السلطة هي الشعب». واللافت أن تظاهرات المحتجين قوبلت بتظاهرات مؤيدة لرئيس الوزراء فلاديمير بوتين ولحزب «روسيا الموحدة» الذي قال مسؤول فيه إن ناشطي الحزب «لن يسمحوا بتشويه الانتصار في الانتخابات كما لن نسمح بجر روسيا إلى مسار الثورات الملونة». وكانت المعارضة تحدثت عن زج آلاف المؤيدين لبوتين من حركة «ناشي» الشبابية وقالت إن مئات الباصات نقلتهم الثلثاء من المدن والقرى المحيطة بموسكو إلى الساحة التي كان المعارضون يستعدون للتجمع فيها. ولفت مراقبون إلى أن تحركات المعارضة رفعت شعارات قاسية ضد بوتين ودعته إلى «الرحيل عن السلطة» وردد البعض شعارات حملت عبارات مثل «الثورة» في تصعيد للهجة لم يكن يتوقع أحد أن يحدث قبل شهور قليلة. واعتبر الخبراء أن التعامل مع تحركات المعارضة باعتبارها محدودة مقارنة بحجم روسيا سوف يشكل اختباراً جدياً لرئيس الوزراء الذي يستعد للعودة إلى الكرملين رئيساً الربيع المقبل. وسلم بوتين أمس، رسمياً أوراق تسجيله كمرشح لخوض انتخابات الرئاسة التي تجرى في الرابع من آذار (مارس) المقبل. في غضون ذلك أعلنت موسكو أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قرر عدم حضور اجتماع مجلس وزراء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي انتقدت مسار الانتخابات في روسيا بقوة، وأتت الخطوة المفاجئة بمقاطعة الاجتماع الذي عقد أمس، بحضور وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بعد أن وصفت المنظمة الانتخابات بأنها «شهدت تجاوزات وانتهاكات كثيرة جداً بينها تعمد حشو الصناديق بأوراق مزورة». وكانت كلينتون انتقدت بدورها «قمع» السلطات الروسية «لحرية تعبير المواطنين عن إرادتهم». وقالت كلينتون خلال الاجتماع في العاصمة الليتوانية فيلنوس إن «السلطات تقوض ثقة الناس عندما لا تعاقب من يهاجم المحتجين على تجاوزات»، في إشارة احتجاز المعارضين الروس.