في أقوى رسالة وجهتها المعارضة الروسية الى رئيس الوزراء فلاديمير بوتين الذي يستعد للعودة إلى الكرملين رئيساً الربيع المقبل، تظاهر أمس عشرات الآلاف من أنصارها في موسكو. وتمددت الاحتجاجات الى عشرات المدن الروسية، ضد ما وصف بأنه «تزوير» للانتخابات الإشتراعية التي أجريت الأحد الماضي. وردد المعارضون شعارات نددت بسياسات بوتين، مطالبين اياه ب «الرحيل»، في احتجاجات غير مسبوقة منذ عشرين سنة. واحتشد نحو 50 ألفاً وسط اجراءات أمن مشددة في ساحة «بولوتنايا» القريبة من مقر الكرملين في موسكو، والذي طوقته عناصر من القوات الخاصة ورجال الشرطة وأغلقت الطرق المؤدية اليه، لتفادي خروج الوضع عن السيطرة. لكنّ ذلك لم يمنع المتظاهرين من ترداد شعارات طالبت ب «رحيل بوتين من الكرملين»، و»القضاء على حكم حزب اللصوص»، في إشارة إلى حزب «روسيا الموحدة» الحاكم بزعامة رئيس الوزراء والذي فاز ب238 من أصل 450 مقعداً في مجلس الدوما. وأكدت المعارضة انها نجحت في تكريس مفهوم اللجوء إلى الشارع مع الحفاظ على سلمية التحرك، وتفادي تصعيده الى مواجهة. لكن الوضع الهادئ في موسكو لم ينسحب على عشرات من المدن الأخرى الروسية، إذ اعتقلت السلطات عشرات من ناشطي المعارضة بعضهم في سانت بطرسبورغ. وطالب المتظاهرون في أنحاء روسيا بإلغاء نتائج الانتخابات والتحضير لاقتراع جديد يضمن مشاركة كل الأطراف، وإطلاق المعتقلين السياسيين، خصوصاً الذين أوقفوا في الأيام الأخيرة، وإقالة رئيس لجنة الانتخابات المركزية فلاديمير تشوروف ومحاكمته مع «المتورطين بالتزوير». وأعلن زعماء المعارضة أنهم لن يتراجعوا عن حملات الاحتجاج حتى تنفيذ مطالبهم. وفي إشارة مباشرة الى زيادة ثقتهم بقدرتهم على تحريك الشارع، حددوا 14 الشهر الجاري موعداً لتظاهرات حاشدة مماثلة في كل المدن الروسية. وفي دليل على ان نجاح التحرك الشعبي في حشد عشرات الألوف أربك الحزب الحاكم والسلطات، سارع قيادي في «روسيا الموحدة» إلى اعلان ان «الرسالة الشعبية وصلت، وستلقى صدى وتشكل محور نقاشات داخل مجلس الدوما، تمهد لإدخال الاصلاحات المناسبة». في المقابل، اعتبر مسؤول في لجنة الانتخابات المركزية أن «مطالب المتظاهرين غير مبررة ولا أساس قانونياً لها»، مؤكداً أن النتائج النهائية للاقتراع التي أفضت الى فوز حزب «روسيا الموحدة» بنصف مقاعد البرلمان «عادلة ومستندة إلى الأسس القانونية».