مع حلول مساء أمس الاثنين، غرق قطاع غزة، في ظلام دامس بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل، بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيلها، وفق "الأناضول". وزاد حر الصيف وارتفاع درجات الحرارة من معاناة السكان؛ إذ تحول نهارهم كما تقول الفلسطينية نهى البردويل إلى "فرن"، يصهر الأجساد. وتضيف البردويل (34 عاماً) وهي أم لأربعة أطفال بنبرة غاضبة: "إلى متى سنبقى نعاني من أزمة الكهرباء، في الليل نغرق في الظلام، وفي النهار نحترق؟!". وأعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في قطاع غزة، عن توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل، مساء أمس الاثنين، بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيلها. وقال بيان صادر عن سلطة الطاقة، مساء أمس: "نعلن عن توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة عن العمل، وذلك بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيلها؛ نظراً لانتهاء آلية توريد الوقود المعمول بها منذ شهور، والتي تتضمن خصم حكومة التوافق الفلسطينية لجزء من الضرائب المفروضة على سعر الوقود". وأوضحت أن توقف محطة الكهرباء سيخلف "إرباكاً جديداً في جدول توزيع الكهرباء يبدأ من مساء اليوم الاثنين". وفي الوقت الحالي تمد سلطة الطاقة منازل قطاع غزة بتيار كهربائي وفق جدول يعمل على 6 ساعات وصل، ثم يتم قطعه لمدة 12 ساعة أخرى، معتمدة في ذلك على خطوط مصرية، وأخرى من الجانب الصهيوني. وفي مناطق تزداد فيها الكثافة السكانية تزداد ساعات القطع لأكثر من 20 ساعة بحسب سكان مدينة غزة. ويقول أحمد الزهارنة (40 عاماً) إنه قضى ليلة أمس محاولاً إسكات صراخ أطفاله الأربعة، مضيفاً: "لا مراوح، ولا هواء، ولا ماء بارد، كنت عاجزاً عن فعل أي شيء لهم". وبحسب الأرصاد الجوية في فلسطين، تتعرض الأراضي الفلسطينية إلى موجة حارة تزداد حدتها خلال الأيام القادمة، تصاحبها رطوبة مرتفعة. وتقول سلوى عبيد (42 عاماً) التي تعيش في منزل حديدي متنقل (كرفان)، بعد هدم منزلها في الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة، إن وضعهم الإنساني يزداد سوءاً، في ظل انقطاع التيار الكهربائي. وتضيف عبيد لوكالة الأناضول: "في يوليو معدلات الحرارة تتجاوز ال35، لكنها في داخل الكرافان تتضاعف وتصيبنا بالأمراض والصداع". ويقول نائب رئيس سلطة الطاقة فتحي الشيخ خليل، إنّ أزمة انقطاع التيار الكهربائي تفاقم من معاناة سكان قطاع غزة على كافة مناحي الحياة. وأضاف: "هناك كارثة إنسانية، وبيئية وشيكة في حال استمرت أزمة انقطاع التيار الكهربائي، إذ ستتوقف مرافق المياه والصرف الصحي عن العمل". ودعا الشيخ خليل رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إلى التدخل العاجل، من أجل رفع الضرائب المفروضة على سعر الوقود. وفي نهاية مارس الماضي، أعلنت حكومة الوفاق الفلسطينية عن إعفاء محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، من ضريبة مفروضة على الوقود الصناعي اللازم لتشغيلها لمدة 3 أشهر، عقب توقف المحطة بشكل كامل عن العمل في الخامس من الشهر ذاته. وتطالب سلطة الطاقة في غزة بشراء الوقود بسعره الأساسي، دون دفع الضريبة البالغة "3 شيكل إسرائيلي" (0.8 دولار) لكل لتر، والتي تذهب لخزينة السلطة الفلسطينية. وتبلغ قيمة الضريبة على الوقود المباع لمحطة توليد كهرباء غزة، نحو 40 مليون شيكل شهرياً (10.4 مليون دولار أمريكي)، وفق تصريح سابق للمدير العام لجمارك وضريبة القيمة المضافة في وزارة المالية الفلسطينية، لؤي حنش. ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو "1.8 مليون نسمة" منذ ثماني سنوات، من أزمة خانقة في الكهرباء. ويحتاج القطاع إلى نحو 400 ميغاوات من الكهرباء، لا يتوفر منها إلا 212 ميغاوات، يوفر الاحتلال منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات (خاصة بمدينة رفح)، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، التي تتوقف بين فينة وأخرى عن العمل، بسبب نفاد الوقود، 60 ميغاوات. وأمام انقطاع التيار الكهربائي، لجأ سكان قطاع غزة إلى شاطئ البحر هرباً من "الحر"، و"المعاناة الإنسانية".