صليت العشاء بالناس ركعتين من شدة الخوف * القلب النقي أهم للقارئ من الصوت الحسن * لا بد أن يكون للقارئ عملٌ يبقى له بعد موته * أستمع لتلاوات القُراء وأستفيد من الجميع * إمام المسجد قال لي: إذا ركلك الناس من الخلف فأنت في المقدمة تواصل- خالد الغفيري: قال الشيخ نايف بن سعد بن عبدالرحمن الفيصل، أحدُ قراء القرآن الكريم بمدينة الرياض، إنه في أول مرة أَمَّ فيها المصلين شعر بالارتباك الشديد والخوف من الخطأ حتى أن أحد كبار السن ضربه بالعصا في أثناء الصلاة! وأضاف "الفيصل" في حوار مع "تواصل"، أنه لا بد أن يكون لقارئ القرآن عمل يبقى له بعد موته سواء إصدار أو مصحف مرتل أو موقع يجمع تلاواته أو مقاطع في الإنترنت ونحو ذلك. وأكد أنه من المهم للقارئ وإمام المسجد أن يكون قلبه نقيًّا خاشعاً، مضيفاً "أعلم أئمة لا يملكون أصواتاً حسنة، لكنهم يملكون قلوباً حسنة". وإلى نص الحوار: بداية، بماذا تقدم نفسك للقراء؟ أخوكم نايف بن سعد بن عبدالرحمن الفيصل من مواليد مدينة الرياض، متزوج ولله الحمد ورزقني الله ببنت سميتها "رحيق"، أسأل الله أن يُصلح لنا النية والذرية. أين ستؤم المصلين رمضان هذا العام؟ في هذا العام 1436ه اعتذرت عن إمامة المصلين؛ بسبب تعب الصوت ولعل في ذلك خيراً عظيماً لا أعلمه والله يعلمه. حدِّثنا عن رحلتكم مع القرآن وحفظه؟ بدأتُ حفظ القرآن صغيراً في حِلَق تعليم القرآن الكريم ثم التحقت بالمدارس النظامية لتحفيظ القرآن التابعة لوزارة التربية والتعليم بالرياض. وقرأتُ على عدد من المشايخ الكرام من أبرزهم: مقرئ القراءات العشر الشيخ عبدالقيوم حاجي حسين والشيخ محمد سعيد. هل تتذكر أول مرة كنت فيها إماماً للمصلين؟ وهل تتذكر تفاصيلها؟ أذكر أنني قمت بإمامة المصلين عندما كنت في المرحلة المتوسطة، وقد حصل حينها موقف طريف، حيث ألحّ عليّ إمام المسجد بأن أصلي نيابة عنه صلاة العشاء نظراً لظروفه وارتباطه الشديد، وكان ذلك عندي حينها أمراً عظيماً وصعباً، فإنني لا أجرؤ على أن أصلي بشخصين، فضلاً عن مسجد يمتلئ بالمصلين! ولما بدأتُ في الصلاة وشرعت في الفاتحة وبلغت ﴿وَلاَ الضَّالِّينَ﴾، والمصلون بصوت واحد: "آمين"، هنا تبدَّل الحالُ وشعرت بارتباك ورهبة شديدة.. أردت أن أقرأ من سورة التحريم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ…﴾، لكنني أتوقف وأتردد عند قوله جل جلاله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وأكررها، فهذا يرد علي من البقرة، وذاك من آل عمران، وآخر بما فتح الله عليه، حتى أن أحد كبار السن ضربني بالعصا! فقرأت مباشرة ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.. ﴾. وفي السجود صَرت أراجع سورة الناس حتى لا يتكرر الخطأ، أسأل أن يعفو عني، فقمت من السجود وقرأت مباشرةً ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ دون قراءة الفاتحة! والمصلون يقولون: سبحان الله.. سبحان الله.. فما زادني تسبيحهم إلا رهبةً وخوفاً.. حتى أنهيت صلاة العشاء بركعتين من شدة الخوف! فلما أخبرت إمام المسجد بما حدث، وبضربة العصا، قال لي: إذا ركلك الناس من الخلف فأنت في المقدمة. مَن هو القارئ الذي تحرص على سماعه وهل تستمع لتلاواتك؟ الاستماع -في نظري- نوعان: استماع نقد، واستماع تعبُّد، فربما أستمع لتلاواتي من باب مراجعة الأخطاء والملاحظات التي لا تصلح للنشر ونحو ذلك. أما الاستماع التعبدي فأحرص كثيراً على تلاوات الشيخ عبدالله خياط رحمه الله، كما أستمع لتلاوات بقية القراء والمشايخ الكرام وأستفيد من الجميع. ما الطريق الذي يجب أن يسلكه قارئ القرآن في حياته؟ أن يكون منهجه وخُلُقه القرآن. هل ترى أن حافظ القرآن ذا الصوت الحسن لا بد أن يكون له إصدار قرآني؟ لا بد أن يكون له عمل يبقى له بعد موته سواء إصدار أو مصحف مرتل أو موقع يجمع تلاواته أو مقاطع في الإنترنت ونحو ذلك. نصيحة توجهها لأئمة المساجد والجوامع في رمضان؟ أن يحمدوا الله جل جلاله الذي أكرمهم واختصهم بهذه النعمة، ويسألوه التوفيق والإخلاص، وأن يتفقدوا قلوبهم ويُصلحوا نياتهم ويعظوا أنفسهم بالآيات أولاً. أيضاً ألا يكن همّ أحدهم آخر السورة وليقرؤوا القرآن بتمهل وتفكر وتدبر، ويحسنوا أصواتهم ما استطاعوا فالصوت يزين بالقرآن، والقرآن يزين ويصبح أكثر تأثيراً بالصوت الحسن ففي الحديث الصحيح: "زينوا القرآن بأصواتكم". كما لا يغفلوا الجانب التوعوي والبرامج العلمية للمصلين، والاهتمام والعناية بالتكييف الجيد والصوتيات النقية والفرش والطيب ودورات المياه أعزكم الله، فربنا يقول في كتابه ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾. كيف تستفيد من التقنية الحديثة، وهل لديك موقع أو صفحات اجتماعية؟ يستطيع الإنسان بعلمه وفكره توظيف هذه التقنية الحديثة في مجال الخير ونفع الغير، ولديّ صفحة رسمية على تويتر والانستغرام والفيسبوك، كل هذه يشرف عليها مجموعة من الفضلاء وأكتب وأشارك فيها بشكل مباشر ومستمر. هل ترى أنه لا بد للقارئ أو إمام المسجد أن يكون صوته حسناً؟ أعتقد أنه من المهم للقارئ وإمام المسجد أن يكون قلبه نقيًّا خاشعاً، وإني لأعلم أئمة لا يملكون أصواتاً حسنة، لكنهم يملكون قلوباً حسنة. وكما يقول طلق بن حبيب: أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا قرأ رأيتَ أنه يخشَ الله جل جلاله. كيف تتم مراجعتك للقرآن في رمضان؟ الأصل أنني أتلو القرآن على نفسي في مكان هادئ، وتساعدني زوجتي في المراجعة أحياناً، كتب الله لها الأجر. هل ترى أن الجوامع مُقصرة في مسألة أن الكثير منها لا يختم القرآن طوال شهر كامل؟ ختم القرآن في شهر رمضان أمر ظاهر في كثير من المساجد ولله الحمد، وكل إمام أعلم بحال جماعته، ومراعاة حال المصلين مطلب شرعي. بعض المقرئين يتلقّون عروضاً من مساجد أو من دول مجاورة ويتنقلون بين المساجد، ما رأيكم في ذلك؟ هذا حسن إن كان في انتقاله نفع أعظم، وأسأل الله أن يجعلهم مباركين أينما كانوا وكالغيث أينما حلّ نفع.